للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أحل لأهل الكتاب ذبائح المسلمين؛ فيلزم من ذلك أن يباح لهم بيعها، وشراؤها من المسلمين؛ فيكون ثمن لحمها حلا للمسلمين.

قال ابن الجوزي: ({وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} أي: وذبائحكم لهم حلال، فإذا اشتروا منا شيئا كان الثمن لنا حلالا، واللحم لهم حلالا) (١).

وهذا الاستنباط نقله القنوجي عن الشوكاني، وزاد عليه استنباطا آخر، فقال: (وهذا يدل على أنهم مخاطبون بشريعتنا) (٢).

وممن أشار إلى استنباط الشوكاني: ابن الجوزي-كما تقدم-، والقرطبي، والمراغي. (٣).

٦٢ - مناسبة إيراد قصة ابني آدم -عليه السلام- في سياق الحديث عن مفاسد بني إسرائيل وظلمهم (٤).

قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)} المائدة: ٢٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وجه اتصال هذا بما قبله التنبيه من الله على أن ظلم اليهود ونقضهم المواثيق والعهود هو كظلم ابن آدم لأخيه، فالداء قديم، والشر أصيل) (٥).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- أن مناسبة إيراد قصة ابني آدم -عليه السلام- في سياق الحديث عن مفاسد بني إسرائيل وظلمهم هي التنبيه من الله على أن ظلم اليهود ونقضهم المواثيق والعهود هو كظلم ابن آدم لأخيه.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر ظلم اليهود، ثم ذكر قصة ابني آدم وفيها ظلم أحدهما لأخيه؛ فدل ذلك بدلالة الربط بين الآيات على أن مناسبة ذكرها التنبيه على أن ظلم اليهود، ونقضهم المواثيق والعهود هو كظلم ابن آدم لأخيه.

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، والقنوجي. (٦).

وفي هذا الاستنباط بيان لعناية الشوكاني بالمناسبات عموما، وبالمناسبات بين الآيات خصوصا. (٧).


(١) زاد المسير ص ٣٦٠.
(٢) انظر: فتح البيان ج ٣/ ص ٣٥٥. وفي هذا بيان لشيء من منهج القنوجي في الاستنباط حيث يزيد أحيانا على ما عند الشوكاني.
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٥/ ص ٧٧، وتفسير المراغي ج ٦/ ص ٥٩.
(٤) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٥) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٠.
(٦) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٦/ ص ١٢٨، وفتح البيان ج ٣/ ص ٣٩٥.
(٧) ذكر د. أحمد الشرقاوى في بحثه: (موقف الشوكاني في تفسيره من المناسبات) هذا الموضع قائلا: من المناسبات التي أبرزها الشيخ في بعض الأحيان بيان المناسبة التي من أجلها سيقت القصة، من ذلك ما ذكره في مناسبة إيراد قصة ابني آدم -عليه السلام- في سورة المائدة في سياق الحديث عن مفاسد بني إسرائيل وظلمهم … انظر: ص ٦٦.

<<  <   >  >>