للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١١ - يجوز لمن وثق من نفسه إذا دخل في أمر من أمور السلطان أن يرفع منار الحق، ويهدم ما أمكنه من الباطل، طلب ذلك لنفسه (١).

قال تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)} يوسف: ٥٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} … وفيه دليل على أنه يجوز لمن وثق من نفسه إذا دخل في أمر من أمور السلطان أن يرفع منار الحق ويهدم ما أمكنه من الباطل، طلب ذلك لنفسه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- من الآية أنه يجوز لمن وثق من نفسه إذا دخل في أمر من أمور السلطان أن يرفع منار الحق ويهدم ما أمكنه من الباطل، طلب ذلك لنفسه.

ووجه الاستنباط: أن يوسف -عليه السلام- طلب الولاية من الملك؛ فدل بدلالة الاقتداء بأفعال الأنبياء على أنه يجوز للمرء طلب الولاية متى وثق من نفسه أنه إذا دخل في أمر من أمور السلطان أن يرفع منار الحق ويهدم ما أمكنه من الباطل.

قال ابن عاشور: (وهذه الآية أصل لوجوب عرض المرء نفسه لولاية عمل من أمور الأمة إذا علم أنه لا يصلح له غيره؛ لأن ذلك من النصح للأمة، وخاصة إذا لم يكن ممن يتهم على إيثار منفعة نفسه على مصلحة الأمة) (٣).

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، والبيضاوي، وأبو السعود، والآلوسي، والقنوجي، والسعدي، وابن عاشور. (٤).

وجواز طلب الولاية لا يعارضه حديث عبد الرحمن بن سمرة (٥)، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلْت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها" (٦).


(١) وهو استنباط فقهي.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٥.
(٣) التحرير والتنوير ج ١٢/ ص ٨٢.
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ١٨٣، وأنوار التنزيل ج ٣/ ص ٢٩٥، وإرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٢٨٦، وروح المعاني ج ١٣/ ص ٥، وفتح البيان ج ٦/ ص ٣٥٦، وتيسير الكريم الرحمن ص ٤١٠، والتحرير والتنوير ج ١٢/ ص ٨٢.
(٥) هو أبو سعيد، عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، أسلم يوم الفتح وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان اسمه عبد الكعبة فسماه رسول الله عبد الرحمن، سكن البصرة واستعمله عبد الله بن عامر لما كان أميرا على البصرة على جيش فافتتح سجستان سنة ثلاث وثلاثين، توفي في البصرة سنة خمسين وقيل: سنة إحدى وخمسين. انظر: الاستيعاب ج ٢/ ص ٨٣٥، وأسد الغابة ج ٣/ ص ٤٨٦ - ٤٧٤.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب: الأحكام، باب: من سأل الإمارة وكل إليها، رقم: ٦٧٢٨، ج ٦/ ص ٢٦١٣. ومسلم في كتاب: الإمارة، باب: النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها، رقم: ١٦٥٢، ج ٣/ ص ١٤٥٦

<<  <   >  >>