للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد كان الحالُ كذلك منذ أوَّلِ نشأةِ علم التفسير وظهوره، ولا تكاد تخرج تفاسير السلف عن هذين الوجهين في الأعم الأغلب. (١).

ثم إنا نجد أن بعض العلماء أفرد علم الاستنباط في مصنفات مستقلة، مثل:

١ - القصاب (٢) في كتابه: (نُكت (٣) القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام).

٢ - … نجم الدين الطوفي (٤) في (الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية).

٣ - السيوطي في كتابه: (الإكليل في استنباط التنْزيل). وإن كان جمع فيه بين الاستنباط والتفسير.

ثم توالت المؤلفات. وكما اعتنى المتقدمون بإفراد هذا العلم بالتأليف اعتنى المتأخرون به كذلك، ومن ذلك: (كتاب جواهر الأفكار، ومعادن الأسرار المستخرجة من كلام العزيز الجبار) لعبد القادر بن أحمد بن بدران (٥).

ثانياً: أهمية الاستنباط وعلاقته بالتفسير.

[أ - أهمية الاستنباط]

لا أدل على أهمية الاستنباط من أن الله تعالى سماه علما، ومدح أهله، وأخبر أنهم أهل العلم، قال سبحانه: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (٨٣)} [النساء: ٨٣]، ولولا أن الاستنباط علم معتبَرٌ، وحجة في الشرع، لما أمر الله تعالى عباده برَدِّ ما لم يدركوا علمه نصا إلى من يدركونه بالاستنباط من أهل العلم، فالاستنباط من أهم أسباب دَرَكِ العلوم (٦).


(١) انظر: معالم الاستنباط في التفسير ص ٢٢.
(٢) هو الحافظ محمد بن علي الكَرَجي نسبة إلى مدينة كَرَج بين همذان وأصبهان، وسمي بالقصاب لكثرة ما قتل من الكفار في مغازيه، جمع بين الفقه، والحديث، مع المعرفة باللغة والقراءات، توفي في حدود الستين وثلاثمائة للهجرة. انظر: سير أعلام النبلاء ج ١٦/ ص ٢١٣، وطبقات الحفاظ للسيوطي ص ٣٨٠.
(٣) جمع نكتة، النَّكْتُ أن تنكت بقضيب في الأرض فتؤثر بطرفه فيها، انظر: لسان العرب ج ٢/ ص ١٠٠. قال الجرجاني: (النكتة هي مسألة لطيفة أخرجت بدقة نظر وإمعان، من نكت رمحه بأرض إذا أثر فيها، وسميت المسألة الدقيقة نكتة لتأثير الخواطر في استنباطها). التعريفات ص ٣١٦.
(٤) هو أبو الربيع، نجم الدين، سليمان بن عبد القوي الصَّرْصَري، نسبة إلى صرصر من نواحي بغداد، فقيه أصولي، كان فقيها حنبليا، شاعرا أديبا، له مؤلفات كثيرة منها: "الإكسير في قواعد التفسير"، توفي سنة سبعمائة وستة عشر للهجرة. انظر: الدرر الكامنة ج ٢/ ص ٢٤٩، وبغية الوعاة ج ٢/ ص ٤٢.
(٥) المتوفى سنة ١٣٤٦ هـ.
(٦) انظر: معالم الاستنباط في التفسير ص ٢٣، واستنباطات الشيخ عبد الرحمن السعدي من القرآن ص ١٤.

<<  <   >  >>