للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المطلب الرابع:

الاستنباطات الأصولية

استنبط الشوكاني عددا من الاستنباطات في أصول الفقه، كذم التقليد، وحجية سد الذرائع، ومخاطبة الكفار بفروع الشريعة، وجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، وجواز اجتهاد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وغيرها (١).

[أمثلة على الاستنباطات الأصولية]

[المثال الأول]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢)} [البقرة: ٢٢] وجوب استعمال الحجج وترك التقليد (٢)؛ فقال -رحمه الله-: (وفيه دليل على وجوب استعمال الحجج وترك التقليد) (٣).

[المثال الثاني]

استنبط الشوكاني حجية سد الذرائع (٤) من قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥)} [البقرة: ٣٥]؛ فقال -رحمه الله-: (والنهي عن القرب فيه سد للذريعة وقطع للوسيلة؛ ولهذا جاء به عوضا عن الأكل. ولا يخفي أن النهي عن القرب لا يستلزم النهي عن الأكل؛ لأنه قد يأكل من ثمر الشجرة من هو بعيد عنها إذا يحمل إليه، فالأولى أن يقال: المنع من الأكل مستفاد من المقام) (٥).

ومثله من قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)} [الأنعام: ١٠٨]؛ فقال -رحمه الله-: (وهى أصل أصيل في سد الذرائع، وقطع التطرق إلى الشبه) (٦).


(١) انظر أمثلة لهذا في الاستنباطات رقم: ٢٠، ٦٠، ٨٣، ٩١، ٩٣، ١٤٨، ١٨١، ١٨٩.
(٢) انظر: الاستنباط رقم: ٤.
(٣) فتح القدير ج ١/ ص ٥٠.
(٤) انظر: الاستنباط رقم: ٨، ٧٤.
(٥) فتح القدير ج ١/ ص ٦٨.
(٦) فتح القدير ج ٢/ ص ١٥٠.

<<  <   >  >>