للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يمنع أن تكون الجملة الحالية للنعي عليهم، والتعجب من حالهم، ويستفاد منها عموما التنبيه على شدة قبح قول من خالف الحق وهو يعلمه.

و في هذا الاستنباط تحذير لأهل العلم في كل زمان من التكلم بما ليس عليه برهان؛ فإن عقاب العالِم أشد.

١٦ - ثبوت عذاب القبر (١).

قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)} البقرة: ١٥٤.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)} أي: لا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله هم أموات، بل هم أحياء، ولكن لا تشعرون بهذه الحياة عند مشاهدتكم لأبدانهم بعد سلب أرواحهم؛ لأنكم تحكمون عليها بالموت في ظاهر الأمر بحسب ما يبلغ إليه علمكم الذي هو بالنسبة إلى علم الله كما يأخذ الطائر في منقاره من ماء البحر، وليسوا كذلك في الواقع، بل هم أحياء في البرزخ.

وفي الآية دليل على ثبوت عذاب القبر، ولا اعتداد بخلاف من خالف في ذلك (٢)، فقد تواترت به الأحاديث الصحيحة، ودلت عليه الآيات القرآنية (٣). ومثل هذه الآية قوله


(١) وهو استنباط عقدي.
(٢) كالمعتزلة الذين نفوا عذاب القبر. انظر شبههم والرد عليها في معارج القبول ج ٢/ ص ٧١٣ وما بعدها.
(٣) من الأدلة: قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)} غافر: ٤٦.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال قالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال". أخرجه مسلم في كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه، ح: ٢٨٦٧، ج ٤/ ص ٢١٩٩. وللاستزادة انظر: شرح العقيدة الطحاوية ج ١/ ص ٤٤٧، وتوحيد الألوهية ج ٤/ ص ٢٨٤، ومعارج القبول ج ٢/ ص ٧١٣.

<<  <   >  >>