للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الأعراف]

٧٨ - كل من تردى برداء الاستكبار عوقب بلبس رداء الهوان والصغار، ومن لبس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع (١).

قال تعالى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣)} الأعراف: ١٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وجملة: {إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣)} تعليل للأمر، أي: إنك من أهل الصغار والهوان على الله وعلى صالحي عباده. وهكذا كل من تردى برداء الاستكبار عوقب بلبس رداء الهوان والصغار، ومن لبس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) من الآية أن كل من تردى برداء الاستكبار عوقب بلبس رداء الهوان والصغار، ومن لبس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى جعل عاقبة إبليس حين تكبر الطرد والصغار والهوان؛ فدل ذلك بدلالة تأمل أفعال الله تعالى على أن كل من تردى برداء الاستكبار عوقب بلبس رداء الهوان والصغار. كما دل بمفهوم المخالفة على أن من لبس رداء التواضع ألبسه الله رداء الترفع.

قال الشنقيطي: بيَّن تعالى في هذه الآية الكريمة أنه عامل إبليس اللعين بنقيض قصده، حيث كان قصده التعاظم والتكبر، فأخرجه الله صاغرا حقيرا ذليلا، متصفا بنقيض ما كان يحاوله من العلو والعظمة، وذلك في قوله: {فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣)} والصغار أشد الذل والهوان. وقوله: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا} (٤) [الأعراف: من الآية ١٨]، ونحو ذلك من الآيات.


(١) وهو استنباط في الأخلاق، وفي علوم القرآن (لتعلقه بقصص القرآن) أيضا.
(٢) فتح القدير ج ٢/ ص ١٩٢.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) أن لأهل المحلة أن يخرجوا من محلتهم من يخشى من سيرته. قال ابن عاشور: (وهذه الآية أصل في ثبوت الحق لأهل المحلة أن يخرجوا من محلتهم من يخشى من سيرته فشو الفساد بينهم). التحرير والتنوير ج ٨/ ص ٣٤.
٢) الجنة دار تواضع وأدب لا كبر فيها. وهذا على احتمال أن يعود الضمير في {مِنْهَا} إلى الجنة. انظر: الإشارات الإلهية ج ٢/ ص ٢٠٨.
(٤) وتمامها: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨)}.

<<  <   >  >>