للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٨ - اقتراف -مجتنب الكبائر- اللمم (١) من الذنوب ذنب يفتقر إلى مغفرة الله (٢).

قال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢)} النجم: ٣٢.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وجملة: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} تعليل لما تضمنه الاستثناء، أي إن ذلك وإن خرج عن حكم المؤاخذة فليس يخلو عن كونه ذنبا يفتقر إلى مغفرة الله، ويحتاج إلى رحمته) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- اقتراف -مجتنب الكبائر- اللمم من الذنوب ذنب يفتقر إلى مغفرة الله.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى امتدح المحسنين الذين يجتنبون الكبائر إلا اللمم من الذنوب، ثم ذكر بعد هذا سعة مغفرته؛ فدلت مناسبة ذكرها (٤) على أن اقتراف مجتنب الكبائر

اللمم من الذنوب ذنب يفتقر إلى مغفرة الله.

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود، والبروسوي، والآلوسي، والقنوجي، والهرري. (٥).


(١) أظهر الأقوال في معنى اللمم أن المراد به صغائر الذنوب. انظر: تفسير القرآن العظيم ج ٧/ ص ٧١.
(٢) وهو استنباط في الرقائق.
(٣) فتح القدير ج ٥/ ص ١١٣.
(٤) وذكر البقاعي مناسبة أخرى لقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}، فقال: (ولما كان الملوك لا يغفرون لمن تكررت ذنوبه إليهم وإن صغرت، فكان السامع يستعظم أن يغفر ملك الملوك سبحانه مثل هذا، علل ذلك بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ} أي: المحسن إليك بإرسالك رحمة للعالمين، والتخفيف عن أمتك {وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} فهو يغفر الصغائر حقاً أوجبه على نفسه، ويغفر الكبائر إن شاء بخلاف غيره من الملوك، فإنه لو أراد ذلك ما أمكنه اتباعه، ولو جاهد حتى تمكن من ذلك في وقت فسدت مملكته. انظر: نظم الدرر ج ١٨/ ص ٣٢٨.
(٥) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٨/ ص ١٦٢، وروح البيان ج ٩/ ص ٢٤١، وروح المعاني ج ٢٧/ ص ٦٣، وفتح البيان ج ١٣/ ص ٢٦٥، وحدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ١٤٠.

<<  <   >  >>