للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول الشوكاني في هذا الاستنباط بينه عند قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ … (١)} [الصف: ١]، فقال: (ووجه التعبير في بعض السور بلفظ الماضي كهذه السورة، وفي بعضها بلفظ المضارع، وفي بعضها بلفظ الأمر الإرشاد إلى مشروعية التسبيح في كل الأوقات، ماضيها، ومستقبلها، وحالها، وقد قدمنا نحو هذا في أول سورة الحديد) (١).

قال الهرري: (وفيه تعليم عباده استمرار وجود التسبيح منهم في جميع الأزمنة والأوقات) (٢).

وممن قال بهذا الاستنباط: ابن عادل، والبروسوي، والقنوجي، والهرري. (٣).

٢٠٥ - فضيلة الإنفاق في وقت الشدة والحاجة (٤).

قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠)} الحديد: ١٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وإنما كانت النفقة والقتال قبل الفتح أفضل من النفقة والقتال بعد الفتح؛ لأن حاجة الناس كانت إذ ذاك أكثر، وهم أقل وأضعف. وتقديم الإنفاق على القتال للإيذان بفضيلة الإنفاق؛ لما كانوا عليه من الحاجة، فإنهم كانوا يجودون بأنفسهم ولا يجدون ما يجودون به من الأموال، والجود بالنفس أقصى غاية الجود (٥) (٦).


(١) فتح القدير ج ٥/ ص ٢١٩.
(٢) حدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ٤٣٣، ٤٣٤.
(٣) انظر: اللباب ج ١٨/ ص ٤٥٣، وروح البيان ج ٩/ ص ٣٤٤، وفتح البيان ج ١٣/ ص ٣٩٤، وحدائق الروح والريحان ج ٢٨/ ص ٤٣٣، ٤٣٤.
(٤) وهو استنباط فقهي في بيان مراتب الإنفاق في سبيل الله.
(٥) فالقتال نوع إنفاق، قال أبو السعود: (وعطف القتال على الإنفاق للإيذان بأنه من أهم مواد الإنفاق، مع كونه في نفسه من أفضل العبادات، وأنه لا يخلو من الإنفاق أصلا). إرشاد العقل السليم ج ٨/ ص ٢٠٦.
(٦) فتح القدير ج ٥/ ص ١٦٨.

<<  <   >  >>