للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الصافات]

١٨٤ - البشارة لإبراهيم -عليه السلام- ببقاء الغلام المبشر به حتى يكبر ويصير حليما (١).

قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١)} الصافات: ١٠١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ومعنى حليم أن يكون حليما عند كبره، فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليما؛ لأن الصغير لا يوصف بالحلم. قال الزجاج: هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن، ويوصف بالحلم (٢) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- من الآية البشارة لإبراهيم -عليه السلام- ببقاء الغلام المبشر به حتى يكبر ويصير حليما.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى بشر إبراهيم -عليه السلام- بغلام حليم؛ والصغير لا يوصف بالحلم؛ فدل ذلك بدلالة الالتزام على بقاء الغلام المبشر به حتى يكبر ويصير حليما.

قال البغوي: (ففيه بشارة أنه نبي، وأنه يعيش فينتهي في السن حتى يوصف بالحلم) (٥).

وممن قال بهذا الاستنباط: البغوي-كما تقدم-، والقرطبي، وابن عادل، والقنوجي. (٦).

وهذا الاستنباط على أن الصغير لا يوصف بالحلم وهو الأظهر. أما على القول بأن الله بشره بغلام حليم يعني في صغره، عليم في كبره (٧) فلا يصح هذا الاستنباط.


(١) وهو استنباط فائدة علمية، وفي علوم القرآن (قصص الأنبياء).
(٢) معاني القرآن وإعرابه ج ٤/ ص ٣١٠.
(٣) فتح القدير ج ٤/ ص ٤٠٣.
(٤) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) ما يدل على أن الغلام المبشر به هو إسماعيل -عليه السلام-، ووجه الاستنباط: أن الأب تظهر أخلاقه في أولاده، والعرب الذين هم بنو إسماعيل -عليه السلام- أحلم من بني إسرائيل الذين هم بنو إسحاق -عليه السلام-، فيكون الحليم المأمور بذبحه هو إسماعيل -عليه السلام-. انظر: الإشارات الإلهية ج ٣/ ص ١٧١.
٢) تشرع بشارة من ولد له ولد به؛ لأن الله عبر عن إخباره إبراهيم بأنه سيولد له ولد بالبشارة. انظر: تفسير سورة الصافات لابن عثيمين ص ٢٣٤.
(٥) معالم التنزيل ج ٤/ ص ٣٢.
(٦) انظر: معالم التنزيل ج ٤/ ص ٣٢، والجامع لأحكام القرآن ج ١٥/ ص ٨٨، واللباب ج ١٦/ ص ٣٣٠، وفتح البيان ج ١١/ ص ٤٠٦.
(٧) ذكره السمرقندي في بحر العلوم ج ٣/ ص ١٣٩، والسمعاني في تفسيره ج ٤/ ص ٤٠٦. وذكر ابن عثيمين أن الموصوف بالحلم غير الموصوف بالعلم، فالموصوف بالحلم إسماعيل -عليه السلام-، والموصوف بالعلم إسحاق -عليه السلام- كما أفادت بذلك الآيات التي جاء في سياقها. انظر: تفسير سورة الصافات لابن عثيمين ص ٢٢٥.

<<  <   >  >>