للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة طه]

١٤٦ - مناسبة مناداة هارون -عليه السلام- موسى -عليه السلام- بنسبته إلى أمهما مع كونه أخاه لأبيه وأمه استعطافا له، وترقيقا لقلبه (١).

قال تعالى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤)} [طه: ٩٤].

قال الشوكاني: (ونسبه إلى الأم مع كونه أخاه لأبيه وأمه عند الجمهور استعطافا له، وترقيقا لقلبه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن مناسبة مناداة هارون -عليه السلام- موسى -عليه السلام- بنسبته إلى أمهما مع كونه أخاه لأبيه وأمه استعطافا له، وترقيقا لقلبه. (٣).

ووجه الاستنباط: أن هارون -عليه السلام- نادى موسى -عليه السلام- بابن أم، وخص الأم بذلك، مع كونه أخاه من أبيه وأمه لأن ذكر الأم ها هنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف؛ فدلت مناسبة اللفظ على أن مناداته له بها كانت استعطافا له، وترقيقا لقلبه.

وزاد بعض المفسرين -كأبي السعود- في المناسبة أن الآية دالة على عظم حق الأم بدلالة تخصيصها بالذكر، فقال أبو السعود: ({قَالَ يَبْنَؤُمَّ} خص الأم بالإضافة استعظاما لحقها، ترقيقا لقلبه، لا لما قيل من أنه كان أخاه لأم، فإن الجمهور على أنهما كانا شقيقين) (٤).

وممن قال باستنباط الشوكاني (٥): البيضاوي، والنسفي، وابن كثير، وأبو السعود، والآلوسي، والقنوجي. (٦).

وهو استنباط صحيح لأوجه تقدم بيانها عند قوله تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠)} [الأعراف: ١٥٠].


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بمناسبة اللفظ، وبقصص الأنبياء)، وهو أيضا استنباط فائدة علمية.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٨٣.
(٣) تقدم مثل هذا الاستنباط في سورة الأعراف: ١٥٠.
(٤) إرشاد العقل السليم ج ٦/ ص ٣٨.
(٥) لم ينص عليه القرطبي في هذا الموضع اكتفاء بذكره في سورة الأعراف: ١٥٠.
(٦) انظر: أنوار التنزيل ج ٤/ ص ٦٧، ومدارك التنزيل ج ٣/ ص ٩٨، وتفسير القرآن العظيم ج ٥/ ص ٣٠٥، وإرشاد العقل السليم ج ٦/ ص ٣٨، وروح المعاني ج ١٦/ ص ٢٥١، وفتح البيان ج ٨/ ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>