للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: تسمية الشيخ السعدي بعض الاستنباطات الخفية بالفوائد، ومثال ذلك:

ما استنبطه من قوله تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي … ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢)} [يوسف: ٤٢]، قال: (ومنها-أي الفوائد-: أنه لا بأس بالاستعانة بالمخلوق في الأمور العادية التي يقدر عليها بفعله، أو قوله، وإخباره) (١).

الثالث: تسمية الشيخ ابن عثيمين ما يذكره في آخر تفسيره للآية بفوائدها؛ فيذكر فوائد ظاهرة، واستنباطات خفية، وكلها يجمعها اسم فوائد. ومن الاستنباطات التي ذكرها:

ما استنبطه من قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)} [البقرة: ٢٤]، قال: (من فوائد الآية … أن النار موجودة الآن؛ لقوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ومعلوم أن الفعل هنا فعل ماض، والماضي يدل على وجود الشيء … ) (٢).

وما استنبطه من قوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)} [البقرة: ١٢٨]، قال: (من فوائد الآية .... أن الأصل في العبادات أنها توقيفية) (٣).

[ب - نشأة الاستنباط]

لم يتأخر ظهور الاستنباط من القرآن الكريم عن وقت نزول القرآن العظيم. فللصحابة -رضي الله عنهم- استنباطاتهم، ومن ذلك:

١ - استنبط علي -رضي الله عنه-، وابن عباس -رضي الله عنه- بدلالة التركيب بين قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (٤) [البقرة: من الآية ٢٣٣]، وقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (٥) [الأحقاف: من الآية ١٥] أن المرأة قد تلد لستة أشهر (٦).


(١) ص ٣٢. وطريق هذا الاستنباط: الاستدلال بشرع من قبلنا، والاقتداء بأفعال الأنبياء عليهم السلام. انظر: منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ١٥٩.
(٢) تفسير سورة البقرة ج ١/ ص ٨٥. وانظر تحليل هذا الاستنباط في منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ١٤٥، ١٤٦.
(٣) تفسير سورة البقرة ج ٢/ ص ٦٤. وانظر تحليل هذا الاستنباط في منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ١٤٧.
(٤) وتمامها: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)}
(٥) وتمامها: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥)}.
(٦) انظر: جامع البيان ج ٤/ ص ٢٠٢، وتفسير القرآن العزيز ج ٥/ ص ١٥٤، وإرشاد العقل السليم ج ٨/ ص ٨٣، والدر المنثور ج ١/ ص ٦٨٨، وروح المعاني ج ٢٦/ ص ١٨، وتيسير الكريم الرحمن ص ١٠٤. وراجع تحليل هذا الاستنباط في منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ١٣٤.

<<  <   >  >>