للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سابعا: الزجاج.]

لم يظهر لي أن للزجاج أثرا في استنباطات الشوكاني إلا ما ندر. ويمكن حصر تأثره به في موضع واحد:

في قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)} [البقرة: ٢٣٣]: قال الزجاج: (وإِنما قيل: (كَامِلَيْنِ) لأن القائل يقُول: قد مضى لذلك عامان وسنتان فيجيز أن السنتين قد مضتا، ويكون أن تبقى منهما بقية، إِذا كان في الكلام دليل على إِرادة المتكلم فإِذا قال: (كَامِلَيْنِ) لم يجز أن تنقصا شيئاً) (١).

وقال الشوكاني -رحمه الله-: (وقوله: {كَامِلَيْنِ} تأكيد للدلالة على أن هذا التقدير لا تقريبي) (٢).

[تأثيره في المفسرين بعده]

لاشك أن للشوكاني أثرا في القنوجي الذي اعتنى بمؤلفات الشوكاني، وقد ظهر هذا جليا في تفسير فتح البيان. كما ظهر لي أن الشوكاني أثر أيضا في محمد الأمين بن عبد الله الأُرَمي الهرري الشافعي صاحب تفسير حدائق الروح والريحان.

أما القنوجي فلم يقتصر على نقل استنباطات الشوكاني وموافقته عليها بل يستنبط أحيانا ما ليس عند الشوكاني، ومثال ذلك:

١ - في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)} [المائدة: ٥] قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفيه … إخبار المسلمين بأن ما يأخذونه منهم من أعراض (٣) الطعام حلال لهم بطريق الدلالة الالتزامية) (٤). ووافقه القنوجي وزاد عليه استنباطا آخر، فقال: (وهذا يدل على أنهم مخاطبون بشريعتنا) (٥).


(١) معاني القرآن وإعرابه ج ١/ ص ٣١٢.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٢٤٤، ٢٤٥. وانظر: الاستنباط رقم: ٢٧.
(٣) يظهر أنه: (أعواض) الطعام، أي ثمنه والعوض عنه.
(٤) فتح القدير ج ٢/ ص ١٥. وانظر: الاستنباط رقم: ٦١.
(٥) انظر: فتح البيان ج ٣/ ص ٣٥٥.

<<  <   >  >>