للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٤ - الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم (١).

قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨)} الفرقان: ٥٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم، والتوكل اعتماد العبد على الله في كل الأمور) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما أمر بالتوكل عليه خص اسمه الحي بالذكر دون غيره من الأسماء؛ فدل ذلك على أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم.

كما دل مفهوم المخالفة -مفهوم القيد- لقوله: {الَّذِي لَا يَمُوتُ} على أن الذي يموت لا يوثق به.

قال الآلوسي: ({وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} في الإغناء عن أجورهم، والاستكفاء عن شرورهم، وكأن العدول عن (وتوكل على الله) إلى ما في النظم الجليل؛ ليفيد بفحواه، أو بترتب الحكم فيه على وصف مناسب عدم صحة التوكل على غير المتصف بما ذكر من الحياة والبقاء، أما عدم صحة التوكل على من لم يتصف بالحياة كالأصنام فظاهر، وأما عدم صحته على من لم يتصف بالبقاء بأن كان ممن يموت فلأنه عاجز ضعيف (٣).

وممن قال بهذا الاستنباط: الآلوسي-كما تقدم-، والقنوجي، والهرري. (٤). وأشار إليه محمد أبو زهرة (٥).


(١) وهو استنباط عقدي.
(٢) فتح القدير ج ٤/ ص ٨٣، ٨٤.
(٣) انظر: روح المعاني ج ١٩/ ص ٣٧.
(٤) انظر: روح المعاني ج ١٩/ ص ٣٧، وفتح البيان ج ٩/ ص ٣٢٧، وحدائق الروح والريحان ج ٢٠/ ص ٩٦.
(٥) انظر: زهرة التفاسير ص ٥٣٠٥.

<<  <   >  >>