للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: ابن عادل-كما تقدم-، والقنوجي، والهرري. (١).

٢٠٨ - مناسبة ذكر قصتي موسى -عليه السلام-، وعيسى -عليه السلام- بعد ذكر محبة الله للمجاهدين في سبيله (٢).

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦)} الصف: ٤ - ٦.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (لما ذكر سبحانه أنه يحب المقاتلين في سبيله بين أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد، وجاهدا في سبيل الله، وحل العقاب بمن خالفهم ويجوز أن يكون وجه ذكر قصة موسى وعيسى بعد محبة المجاهدين في سبيل الله التحذير لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يفعلوا مع نبيهم ما فعله قوم موسى وعيسى معهما) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن مناسبة ذكر قصتي موسى -عليه السلام-، وعيسى -عليه السلام- بعد ذكر محبة الله للمجاهدين في سبيله أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد، وجاهدا في سبيل الله، وحل العقاب بمن خالفهم. أو أن المناسبة التحذير لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يفعلوا مع نبيهم ما فعله قوم موسى وعيسى معهما.


(١) انظر: اللباب ج ١٩/ ص ٤٣، وفتح البيان ج ١٤/ ص ٩٧، وحدائق الروح والريحان ج ٢٩/ ص ٢٤٦.
(٢) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٣) فتح القدير ج ٥/ ص ٢٢٠.
(٤) واستنبط غيره من قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ … بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)} أن قتال الرجالة أفضل من قتال الفرسان؛ لأن التراص إنما يمكن منه. قال ابن الفرس متعقبا: (وهذا ضعيف لأنه ليس المراد بالآية نفس التراص، وإنما المقصود الجد والاجتهاد في القتال، فسواء كانوا رجالا أو فرسانا). أحكام القرآن ج ٣/ ص ٥٥٥. ومثله قول القرطبي: وذلك غير مستقيم؛ لما جاء في فضل الفارس في الأجر والغنيمة، ولا يخرج الفرسان من معنى الآية لأن معناه الثبات. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٨/ ص ٧٤.

<<  <   >  >>