للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (١) -رحمه الله- من الآية تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة.

ووجه الاستنباط: أن في الآية تفضيل الأمة الرقيقة المؤمنة على الحرة المشركة، فيستنبط بدلالة مفهوم الموافقة - مفهوم الأولى- تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة.

إذ الأمة هنا هي المملوكة، والمشركة الحرة؛ بقرينة المقابلة بقوله: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ} فالكلام وارد مورد التناهي في تفضيل أقل أفراد هذا الصنف على أتم أفراد الصنف الآخر (٢).

وتفضيل الأمة المؤمنة على الحرة المشركة أبلغ في الدلالة على تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة إذ فيه الدلالة على تمايز الناس وتفاوت مراتبهم اعتبارا بالإيمان، فالمؤمنة مقدمة ولو كانت أمة رقيقة؛ لأن نفع الإيمان أمر ديني يرجع إلى الآخرة الباقية، فهي خير من الحرة المشركة لأن نفع نسبها ومالها وجمالها يرجع إلى الدنيا الدنية الفانية. وإنما ترك ذكر الحرة المؤمنة إعلاما بأن خيريتها أمر مقطوع به لا كلام فيه. (٣).


(١) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) قال الجصاص: وقوله تعالى ولأمة مؤمنة خير من مشركة يدل على جواز نكاح الأمة [يعني المؤمنة] مع وجود الطول إلى الحرة؛ لأن الله تعالى أمر المؤمنين بتزويج الأمة المؤمنة بدلا من الحرة المشركة التي تعجبهم ويجدون الطول إليها، وواجد الطول إلى الحرة المشركة هو واجده إلى الحرة المسلمة، إذ لا فرق بينهما في العادة في المهور، فإذا كان كذلك وقد قال الله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} ولا يصح الترغيب في نكاح الأمة المؤمنة وترك الحرة المشركة إلا وهو يقدر على تزويج الحرة المسلمة، فتضمنت الآية جواز نكاح الأمة مع وجود الطول إلى الحرة. ويدل من وجه آخر على ذلك وهو أن النهي عن نكاح المشركات عام في واجد الطول وغير واجده، للغني والفقير منهم، ثم عقب ذلك بقوله: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} فأباح نكاحها لمن حظر عليه نكاح المشركة، فكان عموما في الغني والفقير موجبا لجواز نكاح الأمة للفريقين. أحكام القرآن ج ٢/ ص ١٩، ٢٠. ونقل مثله الرازي عن الجبائي، ثم تعقبه بقوله: وهذا استدلال لطيف في هذه المسألة. انظر: التفسير الكبير ج ٦/ ص ٥٢.
وهذا الاستنباط رده الكيا الهراسي بقوله: وهذا غلط؛ لأنه ليس في الآية نكاح الإماء، وإنما ذلك للتنفير عن نكاح الحرة المشركة؛ لأن العرب كانوا بطباعهم نافرين عن نكاح الأمة، فقال تعالى ذلك، أي إذا نفرتم عن الأمة فالمشركة أولى. أحكام القرآن ج ١/ ص ١٣٤. ثم تعقبه السيوطي بالرد في الإكليل ج ١/ ص ٣٩٨.
٢) جواز نكاح العبد الحرة. الإكليل ج ١/ ص ٣٩٨.
(٢) انظر: التحرير والتنوير ج ٢/ ص ٣٤٣.
(٣) انظر: نظم الدرر ج ١/ ص ٤٢٠.

<<  <   >  >>