للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر ابن تيمية نحوا من ثلاثين دليلا على تحريمه (١).

وممن قال باستنباط الشوكاني: القصاب، وإلكيا، وابن العربي، والقرطبي، والقنوجي، والسعدي. (٢).

١١٦ - جواز الشكوى عند الضرورة (٣).

قال تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨)} يوسف: ٨٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} أي: الجوع والحاجة. وفيه دليل على أنه تجوز الشكوى عند الضرورة إذا خاف من إصابته على نفسه كما يجوز للعليل أن يشكو إلى الطبيب ما يجده من العلة) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- من الآية جواز الشكوى عند الضرورة.

ووجه الاستنباط: أن يوسف -عليه السلام- أقر إخوته على شكواهم؛ فيدل ذلك الإقرار بدلالة الاقتداء بأفعال الأنبياء على جواز الشكوى عند الضرورة. ولو كان فعلهم غير جائز لأنكر عليهم.

قال الجصاص: (لما ترك يوسف -عليه السلام- النكير عليهم في قوله: {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}؛ دل ذلك على جواز إظهار مثل ذلك عند الحاجة إليه، وأنه لا يجري مجرى الشكوى من الله تعالى) (٦).

وقال السعدي: (ومنها جواز إخبار الإنسان بما يجد، وما هو فيه من مرض أو فقر ونحوهما على غير وجه التسخط؛ لأن إخوة يوسف قالوا: {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}، ولم ينكر عليهم يوسف) (٧).


(١) انظر: الفتاوى الكبرى ج ٣/ ص ١١٠ وما بعدها.
(٢) انظر: نكت القرآن ج ١/ ص ٦٢٣، وأحكام القرآن ج ٤/ ص ٢٣٣، ٢٣٤، وأحكام القرآن ج ٣/ ص ٤٨، والجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ٢٠٠، وفتح البيان ج ٦/ ص ٣٧٧، وتيسير الكريم الرحمن ص ٤١١.
(٣) وهو استنباط عقدي.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٥٠.
(٥) واستنبط غيره من قوله تعالى: {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} أن أجرة الكيال على البائع؛ فإنه إن كان عليه أن يوف الكيل فيتعين عليه أن يقوم بمؤونة ما يجب عليه، أي أن عليه تعيين المبيع للمشتري ولا يتعين إلا بالكيل، وقد قالوا له: {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ}؛ فدل على أن الكيل قد كان عليه. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ٤/ ص ٣٩٣، وأحكام القرآن للكيا ج ٤/ ص ٢٣٤.
(٦) أحكام القرآن ج ٤/ ص ٣٩٣.
(٧) تيسير الكريم الرحمن ص ٤١١.

<<  <   >  >>