للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله ذكر عدم اهتداء الكفار بأسماعهم وأبصارهم ثم ذكر عقب ذلك أنه سبحانه لا يظلم الناس شيئا؛ فدل ذلك بدلالة الربط الآيات على أن عدم اهتدائهم لم يكن لأجل نقص فيما خلقه الله لهم من السمع والعقل والبصر والبصيرة، بل لأجل ما صار في طبائعهم من التعصب والمكابرة للحق، والمجادلة بالباطل، والإصرار على الكفر.

وممن قال بهذا: الآلوسي، والقنوجي. (١).

١٠٢ - كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم من شيء بل من الجهل المحض (٢).

قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨)} يونس: ٦٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ( … ثم وبخهم على هذا القول العاطل على الدليل الباطل عند العقلاء فقال: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦٨)} ويستفاد من هذا أن كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم من شيء، بل من الجهل المحض) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- من الآية أن كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم من شيء، بل من الجهل المحض.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما نفى البرهان عن المدعين بأن لله ولدا؛ جعلهم غير عالمين؛ فدل ذلك بدلالة ربط الآية بخاتمتها على أن كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم من شيء، بل من الجهل المحض (٥).

قال الزمخشري: (لما نفى عنهم البرهان جعلهم غير عالمين، فدل على أن كل قول لا برهان عليه لقائله فذاك جهل وليس بعلم) (٦).

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري-كما تقدم-، والرازي، والبيضاوي، وأبو حيان، وأبو السعود، والآلوسي، والقنوجي. (٧).


(١) انظر: روح المعاني ج ١١/ ص ١٧٥، وفتح البيان ج ٦/ ص ٦٩.
(٢) وهو استنباط عقدي لتعلقه بالربوبية.
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٤٦٠.
(٤) واستنبط غيره من الآية إبطال التقليد في العقائد، إذ لا بد لها من برهان قطعي وأن التقليد بمعزل من الاعتداد به. انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ٢٠٨، والبحر المحيط ج ٥/ ص ٢٣١، وإرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ١٦٣.
(٥) البحر المحيط ج ٥/ ص ٢٣١.
(٦) الكشاف ج ٢/ ص ٣٤١.
(٧) انظر: الكشاف ج ٢/ ص ٣٤١، والتفسير الكبير ج ١٧/ ص ١٠٨، وأنوار التنزيل ج ٣/ ص ٢٠٨، والبحر المحيط ج ٥/ ص ٢٣١، وإرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ١٦٣، وروح المعاني ج ١١/ ص ١٥٦، وفتح البيان ج ٦/ ص ٩٧.

<<  <   >  >>