للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الحديد]

٢٠٤ - تعليم الله العباد تسبيحه في كل الأوقات والأزمنة (١).

قال تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} الحديد: ١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وجاء هذا الفعل في بعض الفواتح ماضيا كهذه الفاتحة، وفي بعضها مضارعا، وفي بعضها أمرا؛ للإشارة إلى أن هذه الأشياء مسبحة في كل الأوقات، لا يختص تسبيحها بوقت دون وقت، بل هي مسبحة أبدا في الماضي وستكون مسبحة أبدا في المستقبل) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- تعليم الله العباد تسبيحه في كل الأوقات والأزمنة (٣).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر التسبيح بفعل ماضي، ومضارع، وأمر، فذكره بفعل ماضي هنا، وفي قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} [الحشر: ١]، وفي قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١)} [الصف: ١]. وذكره بفعل مضارع في قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١)} [الجمعة: ١]، وفي قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [التغابن: ١]. وذكره بالأمر في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)} [الأعلى: ١]؛ فدل بدلالة التركيب بين هذه الآيات على تعليم الله العباد تسبيحه في كل الأوقات والأزمنة؛ لأن الماضي يدل على التسبيح في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال. (٤).


(١) وهو استنباط في الدعوات والذكر.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ١٦٥.
(٣) وسيأتي مثل هذا الاستنباط عند الآية الأولى من سورة الصف.
(٤) قال ابن عادل- عند قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ … (١)} [الصف: ١]-: (فإن قيل: ما الحكمة في أنه تعالى قال في بعض السور: {سَبَّحَ لِلَّهِ} بلفظ الماضي، وفي بعضها: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} بلفظ المضارع، وفي بعضها بلفظ الأمر؟ فالجواب: أن الحكم في ذلك تعليم العبد أن تسبيح الله تعالى دائم لا ينقطع، كما أن الماضي يدل عليه في الماضي من الزمان، والمستقبل يدل عليه في المستقبل من الزمان، والأمر يدل عليه في الحال). اللباب ج ١٩/ ص ٤٣.

<<  <   >  >>