للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود، والآلوسي، والقنوجي، والهرري. (١). وأشار إليه السعدي وإن لم يصرح بوجه الاستنباط، فقال: (وفي الآية دليل على أن الهجرة من أكبر الواجبات وتركها من المحرمات بل من أكبر الكبائر) (٢).

وهذا الاستنباط إنما هو على ترجيح أن يكون معنى الولدان الأطفال، ويؤيد هذا الترجيح حديث ابن عباس -رضي الله عنهم-: "كنت أنا وأمي من المستضعفين، أنا من الولدان، وأمي من النساء" (٣).

وهذا الاستنباط مما يستأنس به في ثبوت وجوب الهجرة، وقد بسط الشوكاني الأدلة الصريحة في وجوب الهجرة في نيل الأوطار (٤).

وقد ذكر البيضاوي وأبو السعود أن مناسبة ذكر الولدان للإشعار بأنهم لا محيص لهم عنها البتة، حتى كأنها واجبة عليهم قبل البلوغ لو استطاعوا، وأن قومهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت (٥). وذكر الآلوسي أنه للتنبيه على أن العجز ينبغي أن يكون كعجز الولدان (٦).

وكل عباراتهم دالة على وجوب الهجرة، والتأكيد على أمرها.

٥٨ - تأكيد أمر الهجرة (٧).

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩)} النساء: ٩٧ - ٩٩.


(١) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٢/ ص ٢٢٣، وروح المعاني ج ٥/ ص ١٢٧، وفتح البيان ج ٣/ ص ٢١٥، ٢١٦، وحدائق الروح والريحان ج ٦/ ص ٣٠٥.
(٢) تيسير الكريم الرحمن ص ١٩٦.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام، رقم/ ١٢٩١، ج ١/ ص ٤٥٥.
(٤) انظر: باب بقاء الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وأن لا هجرة من دار أسلم أهلها ج ٨/ ص ١٧٦ - ١٧٩.
(٥) انظر: أنوار التنزيل ج ٢/ ص ٢٤٣، إرشاد العقل السليم ج ٢/ ص ٢٢٣.
(٦) انظر: روح المعاني ج ٥/ ص ١٢٧.
(٧) وهو استنباط فقهي.

<<  <   >  >>