للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري، والرازي، والبيضاوي، وأبو السعود، والسيوطي، والآلوسي. (١).

٦٦ - من سبقت له العناية من علماء هذه الأمة يعصمه الله من الناس إن قام ببيان حجج الله وإيضاح براهينه (٢).

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)} المائدة: ٦٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وهكذا من سبقت له العناية من علماء هذه الأمة يعصمه الله من الناس إن قام ببيان حجج الله، وإيضاح براهينه، وصرخ بين ظهراني من ضاد الله وعانده، ولم يمتثل لشرعه كطوائف المبتدعة، وقد رأينا من هذا في أنفسنا، وسمعنا منه في غيرنا ما يزيد المؤمن إيمانا وصلابة في دين الله، وشدة شكيمة في القيام بحجة الله. وكل ما يظنه متزلزلو الأقدام ومضطربو القلوب من نزول الضرر بهم وحصول المحن عليهم فهو خيالات مختلة، وتوهمات باطلة، فإن كل محنة في الظاهر هي منحة في الحقيقة لأنها لا تأتى إلا بخير في الأولى والأخرى، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن من سبقت له العناية من علماء هذه الأمة يعصمه الله من الناس إن قام ببيان حجج الله.


(١) انظر: الكشاف ج ١/ ص ٦٨٧، والتفسير الكبير ج ١٢/ ص ٣٤، وأنوار التنزيل ج ٢/ ص ٣٤٥، وإرشاد العقل السليم ج ٣/ ص ٥٧، وقطف الأزهار ج ٢/ ص ٨١٨، وروح المعاني ج ٦/ ص ١٧٩.
(٢) وهو استنباط فائدة علمية.
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٦٠.
(٤) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) … مناسبة ختم الآية بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)}، قال البقاعي: ترك التبليغ يأتي لسببين: أحدهما: الخوف من القتل أو الأسر، والثاني: الخوف من عدم حصول ثمرة ذلك البلاغ، فأجاب النظم الكريم في سياق تلك الآيات عن الأول بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، وأجاب عن الثاني بقوله بعدها: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)}؛ أي: ليست عليك ثمرة البلاغ؛ إنما عليك واجب البلاغ في ذاته، ولو لم توجد ثمرته. نظم الدرر ج ٢/ ص ٥٠٣.
٢) … في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} دليل على نبوته؛ لأن الله عز وجل أخبر أنه معصوم، ومن ضمن سبحانه له العصمة فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئا مما أمره الله به. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٦/ ص ٢٢٩.

<<  <   >  >>