للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة مريم]

١٤٢ - المدة التي جعلها الله تعالى آية لزكريا -عليه السلام- لا يكلم الناس فيها هي ثلاثة أيام ولياليهن (١).

قال تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠)} مريم: ١٠.

و قال تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)} آل عمران: ٤١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وقد دل بذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران أن المراد ثلاثة أيام ولياليهن) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن المدة التي جعلها الله تعالى آية لزكريا -عليه السلام- لا يكلم الناس فيها هي ثلاثة أيام ولياليهن.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر في سورة آل عمران أن زكريا -عليه السلام- لما رأى خرق العادة في حق مريم طمع فيه في حق نفسه، فبشره الله بالولد، فطلب من ربه أن يجعل له آية دالة على ذلك، فقال تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)} فذكر الله أنها ثلاثة أيام لا يكلم الناس فيها إلا رمزا،، ثم ذكر هذه المدة في سورة مريم بقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠)}؛ فدل بدلالة التركيب على أن المدة التي أمر الله زكريا -عليه السلام- ألا يكلم الناس فيها هي ثلاثة أيام ولياليهن؛ لأن الليالي الثلاث قد تكون من يومين (٤).


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (قصص الأنبياء)، وهو استنباط فائدة علمية.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٢٤.
(٣) واستنبط غيره من الآيتين استنباطات أخرى، منها:
١) مشروعية الذكر في كل حال. قال محمد بن كعب القرظي: "لو رخص الله لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا -عليه السلام- حيث قال: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} ". انظر: الدر المنثور ج ٢/ ص ١٩٢.
٢) الإشارة تنزل منزلة الكلام؛ لقوله تعالى: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}؛ لأن الله استثنى من الكلام الرمز. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٤/ ص ٨٢. وفي هذه المسألة خلاف بسطه الشنقيطي في أضواء البيان ج ٢/ ص ٤٦٨ - ٤٧٤.
٣) تخصيص التكليم مع الناس في قوله: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠)} دال بطريق المفهوم على أنه كان قادراً على التكلم مع غير الناس. انظر: اللباب ج ١٣/ ص ٢٣.
(٤) مستفاد من حدائق الروح والريحان ج ١٧/ ص ٩٦.

<<  <   >  >>