للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة يس]

١٨٣ - الحب (١) معظم ما يؤكل، وأكثر ما يقوم به المعاش (٢).

قال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} يس: ٣٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (قوله: {وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} وهو ما يقتاتونه من الحبوب. وتقديم منه للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل وأكثر ما يقوم به المعاش) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني- رحمه الله- أن الحب معظم ما يؤكل وأكثر ما يقوم به المعاش.

ووجه الاستنباط: أن الآية جاء فيها تقديم منه على فعل الأكل؛ فدل ذلك بدلالة التقديم على أن الحب معظم ما يؤكل وأكثر ما يقوم به المعاش.

قال الزمخشري: (وقوله: {حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} بتقديم الظرف للدلالة على أن الحب هو الشيء الذي يتعلق به معظم العيش، ويقوم بالارتزاق منه صلاح الإنس، وإذا قل جاء القحط، ووقع الضر، وإذا فقد جاء الهلاك، ونزل البلاء) (٤).

وقال الرازي: (قال عن ذكر الحب: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} وفي الأشجار والثمار قال: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} (٥) [يس: من الآية ٣٥]؛ وذلك لأن الحب قوت لا بد منه فقال: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} أي: هم آكلوه، وأما الثمار ليست كذلك، فكأنه تعالى قال: إن كنا ما أخرجناها كانوا يبقون من غير أكل فأخرجناها ليأكلوها) (٦).

وقال ابن عثيمين: ({فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} دليل على سهولة تناول هذا الحب وعظم فائدته، وأنه حب نافع سهل التناول؛ لأنه لو كان صعبا لكانوا لا يستطيعون الأكل منه إلا بمشقة عظيمة؛ ولهذا قال: {فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} قدم المعمول لإفادة الحصر، لكنه حصر إضافي لسهولته، كأنه لا أكل لهم إلا من هذا السهل المتيسر) (٧).


(١) الحب هو القمح، والحنطة، والشعير وما أشبه هذا. انظر: تفسير القرآن العزيز ج ٤/ ص ٣٧٦.
(٢) وهو استنباط عقدي لتعلقه بإثبات الربوبية.
(٣) فتح القدير ج ٤/ ص ٣٦٨.
(٤) الكشاف ج ٤/ ص ١٧.
(٥) وتمام الآية: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)}.
(٦) التفسير الكبير ج ٢٦/ ص ٥٨.
(٧) تفسير سورة يس ص ١١٨، ١١٩.

<<  <   >  >>