للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} ما تحتاجون إليه من العلم. وفيه الوعد لمن اتقاه أن يعلمه. ومنه قوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: من الآية ٢٩] (١) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- وعد الله لمن اتقاه أن يعلمه.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أمر بتقواه ثم أعقبها بتعليمه لعباده؛ فدل اقتران الجملتين على مناسبة بينهما هي وعد الله لمن اتقاه أن يعلمه.

قال ابن عاشور: (وقوله: {وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} تذكير بنعمة الإسلام … وفي عطفه على الأمر بالتقوى إيماء إلى أن التقوى سبب إفاضة العلوم) (٤).

أو دلت الآية على هذا المعنى بدلالة الالتزام.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فكلٌ من تعليم الرب وتقوى العبد يقارب الآخر ويلازمه ويقتضيه، فمتى علَّمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك، ومتى اتقاه زاده من العلم، وهلم جرا) (٥).


(١) وتمام الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)}.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٣٠٣.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات كثيرة، منها:
١) مناسبة ختم الآية بقوله: قال الطوفي: (والختم به مناسب لما تضمنته آية الدين من الأحكام الكثيرة، ولقوله: {وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}؛ لأنه إذا أخبر أنه بكل شيء عليم وثقوا بتعليمه وسكنوا إليه). نقله عنه السيوطي في قطف الأزهار ج ١/ ص ٥٣٧.
٢) جواز شهادة الإنسان فيما نسيه إذا ذُكِّر به؛ فذكر؛ لقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}. انظر: الإكليل ج ١/ ص ٤٥٣، وتيسير الكريم الرحمن ص ١١٩، وتفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ص ٤١٦. ودلالة هذا الاستنباط بمفهوم الموافقة.
٣) مشروعية كون الإنسان يتعلم الأمور التي يتوثق بها المتداينون كل واحد من صاحبه؛ لأن المقصود من ذلك التوثيق والعدل؛ وما لا يتم المشروع إلا به فهو مشروع. انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ١١٨. وانظر غيرها من الاستنباطات النافعة للسعدي في تفسيره ص ١١٨، ١١٩.
(٤) التحرير والتنوير ج ٢/ ص ٥٨٢.
(٥) مجموع الفتاوى ج ١٨/ ص ١٧٨.

<<  <   >  >>