للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، وابن كثير، والقنوجي، وابن عاشور. (١).

وخالفهم آخرون، منهم: ابن القيم، و ابن جزي. (٢).

ووجه مخالفتهم ذكره ابن القيم بقوله: (وأما قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} فليس من هذا الباب بل هما جملتان مستقلتان: طلبية وهي الأمر بالتقوى، وخبرية وهي قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} أي: والله يعلمكم ما تتقون. وليست جوابا للأمر بالتقوى، ولو أريد بها الجزاء؛ لأتى بها مجزومة، مجردة عن الواو، فكان يقول: واتقوا الله يعلمكم، أو إن تتقوه يعلمكم، كما قال: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} فتدبره) (٣).

والمعنى الذي استنبطه الشوكاني صحيح دلت عليه الآيات. قال ابن كثير:

({وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} كقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) وكقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ … لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)} [الحديد: ٢٨]) (٤). (٥).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٣/ ص ٣٨٦، و تفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٢٩٧، وفتح البيان ج ٢/ ص ١٥٤، والتحرير والتنوير ج ٢/ ص ٥٨٢.
(٢) انظر: التسهيل لعلوم التنزيل ج ١/ ص ٩٧، و مفتاح دار السعادة ج ١/ ص ١٧٢.
(٣) مفتاح دار السعادة ج ١/ ص ١٧٢.
(٤) تفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٢٩٧.
(٥) ونزع بعض العلماء عند تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت: ٦٩] إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}. وقال عمر بن عبد العزيز: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، ولو عملنا ببعض ما علمنا؛ لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ}. انظر: المحرر الوجيز ص ١٤٦٩، والجامع لأحكام القرآن ج ١٣/ ص ٣٢٤، ٣٢٥.

<<  <   >  >>