للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والوجه الثالث ذكره البيضاوي، وأبو السعود، والآلوسي (١).

ونبه المفسرون إلى أوجه أخرى لتقييد الإغناء بالمشيئة، منها:

١ - أن الغنى في الدنيا ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة الله.

قال السعدي: ({إِنْ شَاءَ} تعليق للإغناء بالمشيئة؛ لأن الغنى في الدنيا ليس من لوازم الإيمان، ولا يدل على محبة الله، فلهذا علقه الله بالمشيئة، فإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين إلا من يحب) (٢).

٢ - التنبيه على أنه تعالى متفضل بالإغناء، وأنه ليس بواجب عليه.

قال البيضاوي: ولينبه على أنه تعالى متفضل في ذلك (٣).

وقال الآلوسي: وفيه تنبيه على أنه سبحانه متفضل بذلك الإغناء لا واجب عليه عز وجل؛ لأنه لو كان بالإيجاب لم يوكل إلى المشيئة (٤).

وكلها صحيح-والله أعلم- ولا تزاحم بينهم.

٩٠ - لم يتخذ اليهود عزيرا ربا معبودا (٥).

قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} التوبة: ٣١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (قوله: {وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} معطوف على

{وَرُهْبَانَهُمْ}، أي: اتخذه النصارى ربا معبودا. وفيه إشارة إلى أن اليهود لم يتخذوا عزيرا ربا معبودا) (٦).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية أن اليهود لم يتخذوا عزيرا ربا معبودا.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أن اليهود والنصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، ثم ذكر اتخاذ النصارى عيسى -عليه السلام- ربا معبودا، فخص فعل النصارى دون اليهود؛ فدل بدلالة عدم الذكر، أو بالتخصيص على أن اليهود لم يتخذوا عزيرا ربا معبودا.

قال أبو السعود: ({وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} عطف على رهبانهم، أي: اتخذه النصارى ربا معبودا بعد ما قالوا: إنه ابنه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. وتخصيص الاتخاذ به يشير إلى أن اليهود ما فعلوا ذلك بعزير) (٧).


(١) انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ١٣٩، وإرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٥٧، وروح المعاني ج ١٠/ ص ٧٧.
(٢) انظر: تيسير الكريم الرحمن ج ١/ ص ٣٣٣.
(٣) انظر: أنوار التنزيل ج ٣/ ص ١٣٩.
(٤) انظر: روح المعاني ج ١٠/ ص ٧٧.
(٥) وهو استنباط في علوم القرآن (قصص الأنبياء)، وهو أيضا استنباط فائدة علمية.
(٦) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٥٣.
(٧) إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٦٠.

<<  <   >  >>