للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة المدثر]

٢١٣ - الكفار مخاطبون بالشرعيات (١).

قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)} المدثر: ٤٢ - ٤٦.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم ذكر سبحانه ما أجاب به أهل النار عليهم فقال: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣)} أي: من المؤمنين الذين يصلون لله في الدنيا، {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} أي: لم نتصدق على المساكين. قيل: وهذان محمولان على الصلاة الواجبة والصدقة الواجبة؛ لأنه لا تعذيب على غير الواجب. وفيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالشرعيات) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن الكفار مخاطبون بالشرعيات.

ووجه الاستنباط: أن الكفار عللوا دخولهم النار بتركهم الصلاة والزكاة، ولو كان قولهم باطلا لرد عند حكايته (٤)؛ فدل بدلالة المطرد من أسلوب القرآن على أن الكفار مخاطبون بالشرعيات.

قال الطوفي: (يحتج بها على تكليف الكفار بفروع الإسلام؛ لأنهم عللوا سلكهم في سقر بتركهم الصلاة والزكاة وبالتكذيب بيوم الدين وما بينهما، ولولا تكليفهم بالصلاة لما صلح تركها جزء علة للعقاب) (٥).

وممن قال بهذا الاستنباط: البيضاوي، والطوفي، والسيوطي، والقنوجي. (٦).

واستنبط القرطبي هذا الاستنباط من قوله تعالى: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} (٧) [المائدة: ٥]، قال: (قوله تعالى: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} دليل على أنهم مخاطبون بتفاصيل شرعنا) (٨).


(١) وهو استنباط أصولي. وانظر تفصيل هذه المسألة في: روضة الناظر ج ١/ ص ١٧٠ - ١٧٥، والبحر المحيط ج ١/ ص ٣٩٧ - ٤٠٣، وشرح الورقات في أصول الفقه ص ١٢٩، وإرشاد الفحول ص ٢٦، ٢٧، ومذكرة في أصول الفقه ص ٦٢، والأصول والفروع للدكتور سعد الشثري ص ٢٦٦ - ٢٨١.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ٣٣٣.
(٣) واستنبط غيره من الآية توكيد حرمة المسكين حين قرن تضييعه بترك الصلاة، وخوض الخائضين، وتكذيب بيوم الدين. انظر: نكت القرآن ج ٤/ ص ٤٤٨.
(٤) انظر: منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ٣٤٠.
(٥) الإشارات الإلهية ج ٣/ ٣٨٠، ٣٨١.
(٦) انظر: أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٤١٧، والإشارات الإلهية ج ٣/ ٣٨٠، ٣٨١، والإكليل ج ٣/ ص ١٢٨٨، وفتح البيان ج ١٤/ ص ٤٢٠.
(٧) وتمامها: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)}.
(٨) الجامع لأحكام القرآن ج ٦/ ص ٧٧.

<<  <   >  >>