للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٢ - حكم الجن كحكم الإنس في الثواب، والعقاب، والتعبد بالأوامر والنواهي (١).

قال تعالى: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)} الأحقاف: ٣١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)} وهو عذاب النار. وفي هذه الآية دليل على إن حكم الجن حكم الإنس في الثواب، والعقاب، والتعبد بالأوامر والنواهي) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) - رحمه الله- أن حكم الجن كحكم الإنس في الثواب، والعقاب، والتعبد بالأوامر والنواهي (٤).

ووجه الاستنباط: أن في الآية دعوة الجن للاستجابة إلى أمر الله، وترتيب ثواب وعقاب على ذلك؛ فدل على أن حكم الجن كحكم الإنس في الثواب، والعقاب، والتعبد بالأوامر والنواهي.

قال الآلوسي: وهذا ونحوه يدل على أن الجن مكلفون (٥).

وقال ابن تيمية: (والجن مكلفون كتكليف الإنس. ومحمد -صلى الله عليه وسلم- مرسل إلى الثقلين الجن والإنس، وكفار الجن يدخلون النار بنصوص وإجماع المسلمين، وأما مؤمنهم ففيهم قولان، وأكثر العلماء على أنهم يثابون أيضا ويدخلون الجنة) (٦).

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، وأبو حيان، وابن عادل، والآلوسي، والقنوجي، والهرري. (٧).


(١) وهو استنباط عقدي لأن فيه الرد على المعتزلة وغيرهم.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ٢٨.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) أن من لم يجب داعي الله من الجن ولم يؤمن به لم يغفر له، ولم يجره من عذاب أليم؛ ووجه: من مفهوم المخالفة للآية. انظر: أضواء البيان ج ٥/ ص ٤٦.
٢) أن الجن لا يدخلون الجنة؛ ووجهه: مفهوم المخالفة لقوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)}. انظر: أضواء البيان ج ٥/ ص ٤٦. قال الآلوسي: ولعل الاقتصار هنا على ما ذكر لما فيه من التذكير بالذنوب، والمقام مقام الإنذار، فلذا لم يذكر فيه شيء من الثواب. انظر: روح المعاني ج ٢٦/ ص ٣٢، ٣٣.
(٤) تقدم مثل هذا الاستنباط في سورة الأنعام: ١٣٠، ١٣٢. وسيأتي مثله في سورة الرحمن: ٥٦.
(٥) روح المعاني ج ٢٦/ ص ٣٢.
(٦) مجموع الفتاوى ج ١٣/ ص ٨٥.
(٧) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٦/ ص ١٨٦، والبحر المحيط ج ٨/ ص ٩٥، واللباب ج ١٧/ ص ٤١٧، ٤١٨، وروح المعاني ج ٢٦/ ص ٣٢، ٣٣، وفتح البيان ج ١٣/ ص ٣٨، ٣٩، وحدائق الروح والريحان ج ٢٧/ ص ١٠١.

<<  <   >  >>