للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٠ - جواز أن يوحي الله إلى من كان صغيرا ويعطيه النبوة (١).

قال تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥)} يوسف: ١٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} وفي هذا دليل على أنه يجوز أن يوحي الله إلى من كان صغيرا ويعطيه النبوة حينئذ كما وقع في عيسى ويحيى بن زكريا. وقد قيل: إنه كان في ذلك الوقت قد بلغ مبالغ الرجال، وهو بعيد جدا؛ فإن من كان قد بلغ مبالغ الرجال لا يخاف عليه أن يأكله الذئب) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- جواز أن يوحي الله إلى من كان صغيرا ويعطيه النبوة حينئذ كما وقع في عيسى -عليه السلام-، ويحيى بن زكريا -عليه السلام-.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أنه أوحى ليوسف -عليه السلام- لما ألقي في الجب، وكان وقتها صغيرا؛ فدل ذلك بدلالة تأمل قصص الأنبياء على جواز أن يوحي الله إلى من كان صغيرا ويعطيه النبوة حينئذ.

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي، والقرطبي، وابن عادل الحنبلي، والقنوجي، والهرري. (٣).

وخالف آخرون كابن العربي، وابن عطية، وابن تيمية، والآلوسي، والمراغي (٤).

فقال ابن عطية: (وقال الحسن: أعطاه الله النبوءة وهو في الجب. قال القاضي أبو محمد: وهذا بعيد) (٥).

وقال ابن تيمية: وليس كل ما أوحي إليه الوحي العام يكون نبيا؛ فإنه قد يوحي إلى غير الناس قال تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨)} [النحل: ٦٨]، وقال تعالى: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} (٦) [فصلت: من الآية ١٢]، وقال تعالى عن يوسف وهو صغير: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥) وقال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} (٧) [القصص: ٧]. (٨).


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بقصص الأنبياء)، واستنباط عقدي لتعلقه بباب النبوات.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ١٠.
(٣) انظر: التفسير الكبير ج ١٨/ ص ٨٨، والجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ١٢٣، واللباب في علوم الكتاب ج ١١/ ص ٣٦، ٣٧، وفتح البيان ج ٦/ ص ٢٩٩، وحدائق الروح والريحان ج ١٣/ ص ٣٣٣.
(٤) انظر: أحكام القرآن ج ٣/ ص ١٧٧، والمحرر الوجيز ص ٩٨٢، والنبوات ص ١٧٨، وروح المعاني ج ٢٦/ ص ١٩، وتفسير المراغي ج ١٢/ ص ١٢٢.
(٥) المحرر الوجيز ص ٩٨٢.
(٦) وتمامها: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)}
(٧) وتمامها: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)}.
(٨) انظر: النبوات ص ١٧٨.

<<  <   >  >>