للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله هذا يقتضي أنهم عنده أنبياء.

ثانيها: أن الأسباط يحتمل -كما ذكر ابن كثير آنفا- أن يكونوا هم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم.

قال السعدي: (ومنها - أي من فوائد قصة يوسف -عليه السلام- أن العبرة في حال العبد بكمال النهاية لا بنقص البداية، فإن أولاد يعقوب -عليه السلام- جرى منهم ما جرى في أول الأمر مما هو أكبر أسباب النقص واللوم، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح والسماح التام من يوسف ومن أبيهم، والدعاء بالمغفرة والرحمة، وإذا سمح العبد عن حقه فالله خير الراحمين ولهذا-في أصح الأقوال- أنهم كانوا أنبياء لقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} (١) [النساء: ١٦٣] والأسباط هم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم. ومما يدل على ذلك أن في رؤيا يوسف أنه رآهم كواكب نيرة، والكواكب فيها النور والهداية، وذلك من صفات الأنبياء، فإن لم يكونوا أنبياء فإنهم علماء هداة) (٢).

ثالثها: ما ذكره الشوكاني (٣) وغيره من المفسرين في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)} [يوسف: ٦] من أن معنى إتمام النعمة على آل يعقوب هي بالنبوة.

ولذا قال البغوي، والسمعاني وغيرهما: ({وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} أي على أولاده، فإن أولاده كلهم كانوا أنبياء (٤).

رابعها: أن هذا القول هو القول الوسط بين القائلين بنبوتهم والنافين لها، والجمع بين الأدلة أولى من إلغاء أحدها، أو اللجوء إلى القول بالتعارض.


(١) وتمامها: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (١٦٣)}.
(٢) تيسير الكريم الرحمن ص ٤٠٨.
(٣) انظر: فتح القدير ج ٣/ ص ٦.
(٤) انظر: معالم التنزيل ج ٢/ ص ٤١٠، وتفسير القرآن العزيز ج ٣/ ص ٨.

<<  <   >  >>