للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المطلب الثالث:

الاستنباطات العقدية

استنبط الشوكاني استنباطات كثيرة في العقيدة فجاء هذا الموضوع في المرتبة الثانية بعد الاستنباطات في علوم القرآن.

[أمثلة على الاستنباطات العقدية]

[المثال الأول]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨)} [يوسف: ٨٨] جواز الشكوى عند الضرورة (١)؛ فقال -رحمه الله-: ({مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} أي: الجوع والحاجة. وفيه دليل على أنه تجوز الشكوى عند الضرورة إذا خاف من إصابته على نفسه كما يجوز للعليل أن يشكو إلى الطبيب ما يجده من العلة) (٢).

[المثال الثاني]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ … الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} [الكهف: ٢ - ٤] أن أقبح أنواع الكفر نسبة الولد إلى الله سبحانه (٣)؛ فقال -رحمه الله-: ({وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} وهم اليهود، والنصارى، وبعض كفار قريش القائلون بأن الملائكة بنات الله. فذكر سبحانه أولا قضية كلية وهي إنذار عموم الكفار، ثم عطف عليها قضية خاصة هي بعض جزئيات تلك الكلية تنبيها على كونها أعظم جزئيات تلك الكلية؛ فأفاد ذلك أن نسبة الولد إلى الله سبحانه أقبح أنواع الكفر) (٤).

[المثال الثالث]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤)} [الشعراء: ١٤] أن الخوف قد يحصل مع الأنبياء فضلا عن الفضلاء (٥)؛ فقال -رحمه الله-: ( … الذنب هو قتله للقبطي، وسماه ذنبا بحسب زعمهم، فخاف موسى أن يقتلوه به. وفيه دليل على أن الخوف قد يحصل مع الأنبياء فضلا عن الفضلاء) (٦). (٧).


(١) انظر: الاستنباط رقم: ١١٦.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٥٠.
(٣) انظر: الاستنباط رقم: ١٣٧.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٦٩.
(٥) انظر: الاستنباط رقم: ١٦٥.
(٦) فتح القدير ج ٤/ ص ٩٥.
(٧) وانظر أمثلة أخرى في الاستنباطات رقم: ٤٣، ٥٥، ٦٤، ١٢٠، ١٦٤.

<<  <   >  >>