للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن العربي: (كان الهدهد صغير الجرم، ووُعد بالعذاب الشديد لعظيم الجرم. قال علماؤنا: وهذا يدل على أن الحد على قدر الذنب لا على قدر الجسد) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: ابن العربي-كما تقدم-، والقرطبي، والقنوجي. (٢). وأشار إليه أبو حيان بقوله: (وفيه دليل على الإغلاظ على العاصين وعقابهم) (٣).

واستنبط ابن عاشور من الآية-بالقياس- جواز عقاب الجندي المخالف، فقال: (ويؤخذ من هذا جواز عقاب الجندي إذا خالف ما عين له من عمل أو تغيب عنه) (٤).

١٦٩ - على المرء البحث عن الأخبار والكشف عن الحقائق وعدم قبول خبر المخبرين تقليدا لهم واعتمادا عليهم إذا تمكن من ذلك بوجه من الوجوه (٥).

قال تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٧)} النمل: ٢٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (والنظر هو التأمل والتصفح. وفيه إرشاد إلى البحث عن الأخبار، والكشف عن الحقائق، وعدم قبول خبر المخبرين تقليدا لهم، واعتمادا عليهم إذا تمكن من ذلك بوجه من الوجوه) (٦).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٧) -رحمه الله- أن على المرء البحث عن الأخبار، والكشف عن الحقائق، وعدم قبول خبر المخبرين تقليدا لهم، واعتمادا عليهم إذا تمكن من ذلك بوجه من الوجوه.

ووجه الاستنباط: أن سليمان -عليه السلام- لما أخبره الهدهد بخبر سبأ وأهلها وملكتهم قال: {قَالَ سَنَنْظُرُ} فتروى وتحرى؛ فدل بدلالة الاقتداء بأفعال الأنبياء على أن على المرء البحث عن الأخبار، والكشف عن الحقائق، وعدم قبول خبر المخبرين تقليدا لهم، واعتمادا عليهم إذا تمكن من ذلك بوجه من الوجوه.


(١) أحكام القرآن ج ٣/ ص ٣٤٩. ثم قال: أَمَا إنه يرفق بالمحدود في الزمان والصفة على ما بيناه في أحكام استيفاء القصاص.
(٢) انظر: أحكام القرآن ج ٣/ ص ٣٤٩، والجامع لأحكام القرآن ج ١٣/ ص ١٦٢، وفتح البيان ج ١٠/ ص ٢٩.
(٣) البحر المحيط ج ٧/ ص ٨٤.
(٤) التحرير والتنوير ج ١٩/ ص ٢٤٣.
(٥) وهو استنباط فائدة علمية، وفي علوم القرآن (قصص الأنبياء).
(٦) فتح القدير ج ٤/ ص ١٣٦.
(٧) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) أن على الوالي قبول عذر رعيته، ودرء العقوبة عنهم؛ لأن سليمان لم يعاقب الهدهد حين اعتذر إليه. انظر: أحكام القرآن لابن العربي ج ٣/ ص ٣٥٣، والجامع لأحكام القرآن ج ١٣/ ص ١٧٠، والإكليل ج ٣/ ص ١٠٧٠.
٢) في الآية دليل على جواز إرسال الكتب إلى المشركين من الإمام لإبلاغ الدعوة والدعاء إلى الإسلام. انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٣/ ص ١٧١، وروح المعاني ج ١٩/ ص ١٩٣.

<<  <   >  >>