للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- من الآية عدم جواز معاشرة المشركين ومصاحبتهم؛ لأن في ذلك من الخطر العظيم ما لا يجوز للمؤمنين أن يتعرضوا له، ويدخلوا فيه.

ووجه الاستنباط: أن الله حرم مصاهرة المشركين غير أهل الكتاب مع ما قد يكون فيه من مصالح؛ فدل ذلك بدلالة مفهوم الموافقة -الأولي- عدم جواز معاشرتهم ومصاحبتهم؛ لأن مخالطة أهل الشرك مظنة الفساد.

قال السعدي: (ويستفاد من تعليل الآية النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع؛ لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة، فالخلطة المجردة من باب أولى، وخصوصا الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم كالخدمة ونحوها) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، والبقاعي، والقنوجي، والسعدي. (٢).

٢٦ - إذا لم يحصل للزوجين الظن بإقامة حدود الله فلا يجوز الدخول في النكاح لأنه مظنة لمعصية لله والوقوع فيما حرمه الله على الزوجين (٣).

قال تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)} البقرة: ٢٣٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (قوله: {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} أي: حقوق الزوجية الواجبة لكل منهما على الآخر. وأما إذا لم يحصل ظن ذلك، بأن يعلما، أو أحدهما عدم الإقامة لحدود الله، أو ترددا، أو أحدهما، ولم يحصل لهما الظن؛ فلا يجوز الدخول في هذا النكاح؛ لأنه مظنة للمعصية لله، والوقوع فيما حرمه على الزوجين) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- من الآية أنه لا يجوز للمرأة ومطلقها الأول-بعد طلاقها من الزوج الثاني- الرجعة إذا لم يحصل لهما الظن بإقامة حدود الله، بأن يعلما، أو أحدهما عدم الإقامة لحدود الله، أو ترددا، أو تردد أحدهما؛ فلا يجوز الدخول في هذا النكاح؛ لأنه مظنة للمعصية لله، والوقوع فيما حرمه الله على الزوجين.


(١) تيسير الكريم الرحمن ص ٩٩. ودلالة الآية عنده القياس.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج/ ص، ونظم الدرر ج ١/ ص ٤٢٠، وفتح البيان ج ١/ ص ٤٤٦، وتيسير الكريم الرحمن ص ٩٩.
(٣) وهو استنباط فقهي.
(٤) فتح القدير ج ١/ ص ٢٣٩.
(٥) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) إطلاق المراجعة على عقد النكاح.
٢) الاكتفاء بالظن في الأمور المستقبلة؛ لأن طلب اليقين في المستقبل من باب التكليف بما لا يطاق. وغيرهما. انظر: تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ص ١١٨، ١١٩.

<<  <   >  >>