للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الحشر]

٢٠٦ - من لم يستغفر للصحابة -رضي الله عنهم-، ويطلب رضوان الله لهم فهو مذموم (١).

قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)} الحشر: ١٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (أمرهم الله سبحانه بعد الاستغفار للمهاجرين والأنصار أن يطلبوا من الله سبحانه أن ينزع من قلوبهم الغل للذين آمنوا على الإطلاق، فيدخل في ذلك الصحابة دخولا أوليا؛ لكونهم أشرف المؤمنين، ولكون السياق فيهم، فمن لم يستغفر للصحابة على العموم، ويطلب رضوان الله لهم فقد خالف ما أمره الله به في هذه الآية، فإن وجد في قلبه غلا لهم فقد أصابه نزغ من الشيطان، وحل به نصيب وافر من عصيان الله بعداوة أوليائه، وخير أمته نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وانفتح له باب من الخذلان يفد به على نار جهنم إن لم يتدارك نفسه باللجوء إلى الله سبحانه، والاستغاثة به بأن ينزع عن قلبه ما طرقه من الغل لخير القرون، وأشرف هذه الأمة) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن من لم يستغفر للصحابة -رضي الله عنهم-، ويطلب رضوان الله لهم فهو مذموم.


(١) وهو استنباط عقدي.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ٢٠٢.
(٣) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) من أبغض الصحابة أو واحداً منهم، أو اعتقد فيه شرًّا أنه لا حقَّ له في الفيء؛ لأن الآية دليل على وجوب محبة الصحابة -رضي الله عنهم-؛ لأنه جعل لمن بعدهم حظًّا في الفيء ما أقاموا على محبتهم، وموالاتهم، والاستغفار لهم؛ فدل بمفهوم المخالفة على أنهم إن خالفوا الشرط فلا فيء لهم. انظر: اللباب ج ١٨/ ص ٥٩٦.
٢) استنبط من قوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} بمفهوم المخالفة أن الحقد على غيرهم جائز لغيرة الدين، وإن لم يكن الحسد جائزا. انظر: حدائق الروح والريحان ج ٢٩/ ص ١٢١.
٣) استنبط الإمام مالك-بدلالة السياق- كفر الرافضة، ووجهه: أن قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨)} [الحشر: ٨] متعلق بقوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ … لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧)} [الحشر: ٧]، ثم إن الله لما قال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} عطف عليهم {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)} [الحشر: ٩] وهم الأنصار، ثم عطف عليهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)} بشرط أن يستغفروا لمن قبلهم، والرافضة خارجون عن الأصناف الثلاثة؛ فإنهم يسبون السلف، فإذن لا حظ لهم في الفيء؛ إذ الفيء حق المسلمين، فمن لا حظ له في الفيء فليس بمسلم. انظر: الإشارات الإلهية ج/ ص ٣٣٤، ٣٣٥.

<<  <   >  >>