للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أنه وهب لإبراهيم -عليه السلام- إسحاق -عليه السلام-، ويعقوب -عليه السلام-، وجعلهم أنبياء، ثم ذكر بعد جعلهم أنبياء أنه وهب لهم من رحمته؛ فدل بدلالة الربط بين الآيتين على أن النبوة هي من باب الرحمة.

ومثال الربط بين آيات: ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} [التوبة: ١١٩] حيث قال -رحمه الله-: (قوله: … {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)} هذا الأمر بالكون مع الصادقين بعد قصة الثلاثة فيه الإشارة إلى أن هؤلاء الثلاثة حصل لهم بالصدق ما حصل من توبة الله) (١).

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أمر بالصدق بعد أن ذكر توبته على الثلاثة الذين خلفوا؛ فدل بدلالة الربط بين هذه الآية وما قبلها من آيات أن الثلاثة الذين خلفوا حصل لهم ما حصل من توبة الله بالصدق.

[ب - الربط بين أجزاء الآية]

ومثاله: ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ … الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١)} [الإسراء: ١١١] حيث قال -رحمه الله-: ( … وفي التعرض في أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة إيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات؛ لأنه القادر على الإيجاد وإفاضة النعم، لكون الولد مجبنة ومبخلة، ولأنه أيضا يستلزم حدوث الأب لأنه متولد من جزء من أجزائه، والمحدث غير قادر على كمال الإنعام، والشركة في الملك إنما تتصور لمن لا يقدر على الاستقلال به، ومن لا يقدر على الاستقلال عاجز فضلا عن تمام ما هو له فضلا عن نظام ما هو عليه، وأيضا الشركة موجبة للتنازع بين الشريكين فقد يمنعه الشريك من إفاضة الخير إلى أوليائه، ومؤدية إلى الفساد {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٢) [الأنبياء: ٢٢]، والمحتاج إلى ولي يمنعه من الذل وينصره على من أراد إذلاله ضعيف لا يقدر على ما يقدر عليه من هو مستغنى بنفسه) (٣).


(١) فتح القدير ج ٢/ ص ٤١٤. وانظر: الاستنباط رقم: ٩٨.
(٢) وتمام الآية: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ … عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)}.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٦٦. وانظر: الاستنباط رقم: ١٣٦.

<<  <   >  >>