للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الجمعة]

٢٠٩ - الطاعات سبب الرزق (١).

قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)} الجمعة: ١١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)} فمنه اطلبوا الرزق، وإليه توسلوا بعمل الطاعة؛ فإن ذلك من أسباب تحصيل الرزق، وأعظم ما يجليه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- أن الطاعات سبب الرزق.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أمر المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة، والسعي إلى ذكره، والإقبال على الصلاة، وترك البيع إلى أن تنقضي الصلاة، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ … تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: ٩ - ١٠]، ثم عاتب سبحانه على ما كان من انصراف بعض المؤمنين عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ، فقال: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)} وختم ذلك بأنه خير الرازقين؛ فدل هذا الختم بدلالة الربط بين الآيات على أن الطاعات سبب الرزق.

وممن قال بهذا الاستنباط: ابن عادل، والقنوجي، والهرري. (٤).

ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢)} [طه: ١٣٢]. قال الشنقيطي: من نتائج الاستعانة بالصلاة أنها تجلب الرزق وذلك في قوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢)}، ولذا كان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة (٥).


(١) وهو استنباط تربوي أو فقهي.
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ٢٢٨.
(٣) واستنبط غيره من الآية أن الخطيب ينبغي أن يخطب قائما. انظر: نكت القرآن ج ٤/ ص ٣٠١، وروح المعاني ج ٢٨/ ص ١٠٥.
(٤) انظر: اللباب ج ١٩/ ص ٩٩، وفتح البيان ج ١٤/ ص ١٤٢، وحدائق الروح والريحان ج ٢٩/ ص ٣٠٦.
(٥) ذكره الشنقيطي عند قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)} [البقرة: ٤٥]. أضواء البيان ج ١/ ص ٦٧، ٦٨.

<<  <   >  >>