للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨ - إفراد ذكر النساء بعد ذكر الرجال في الميراث للإيذان بأصالتهن في هذا الحكم (١).

قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (٧)} النساء: ٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وأفرد سبحانه ذكر النساء بعد ذكر الرجال، ولم يقل للرجال والنساء نصيب؛ للإيذان بأصالتهن في هذا الحكم، ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٣) -رحمه الله- من الآية أصالة حق النساء في الميراث، ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أفرد ذكر النساء بعد ذكر الرجال، فلم يقل للرجال والنساء نصيب، بل جاء الحديث عن ميراث النساء بصيغة مساوية لنصيب الرجال مع أن نصيبهن أقل من نصيب الرجال؛ فدل ذلك على أصالتهن في هذا الحكم، ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء. (٤).


(١) وهو استنباط فقهي من وجه، واستنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة) من وجه آخر.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٤٢٨.
(٣) واستنبط ابن عاشور مناسبة هذه الآية للآية قبلها: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ … غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)} [النساء: ٦] والمناسبة أنهم كانوا في الجاهلية قد اعتادوا إيثار الأقوياء والأشداء بالمال، وحرمان الضعفاء، فلما أمرهم الله أن يؤتوا اليتامى أموالهم أمر عقبه بأمرهم بأن يجعلوا للرجال وللنساء نصيبا مما ترك الوالدان والأقربون، فإيتاء مال اليتيم تحقيق لإيصال نصيبه مما ترك له الوالدان والأقربون، وتوريث القرابة إثبات لنصيبهم مما ترك له الوالدان والأقربون. انظر: التحرير والتنوير ج ٤/ ص ٣٧.
(٤) انظر: تفسير سورة النساء لابن عثيمين ج ١/ ص ٥٠.

<<  <   >  >>