للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: (قوله: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} … الآية. فيه دليل على أن المتعة لا تجب لهذه المطلقة؛ لوقوعها في مقابلة المطلقة قبل البناء والفرض التي تستحق المتعة) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٢) أن المتعة لا تجب للمطلقة بعد التسمية وقبل الدخول.

ووجه الاستنباط: أن الله ذكر المطلقة بعد التسمية وقبل الدخول عقب المطلقة قبل الدخول وقبل التسمية وهو قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ … قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ … (٢٣٦)} [البقرة: ٢٣٦]؛ فأوجب لها نصف المفروض لها من المهر، ولم يأمر لها بالمتاع، فدل بدلالة مفهوم التقسيم أن المتعة لا تجب لها (أي: للمطلقة -قبل البناء- المفروض لها).

قال البيضاوي: ({فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} أي: فلهن، أو فالواجب نصف ما فرضتم لهن. وهو دليل على أن الجناح المنفي تبعة المهر (٣)، وأن لا متعة مع التشطير؛ لأنه قسيمها) (٤).

ويمكن أيضا أن يقال بعدم وجوب المتعة بدلالة عدم الذكر؛ لأن الله تعالى أوجب في حقها نصف المهر ولم يذكر المتعة، ولو كانت واجبة لذكرها، فلما لم يذكرها لم تكن واجبة.


(١) فتح القدير ج ١/ ص ٢٥٣.
(٢) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) جواز هبة المشاع-وهو الشيء المشترك بين اثنين فأكثر، فلكل واحد جزء شائع، متفرق وممتزج، في جميع أجزاء هذا الشيء، ولا يتميز إلا بالقسمة- فيما ينقسم، وما لا ينقسم؛ لأن الله أباح تمليك نصف الصداق، ولم يفرق بين العين والدين وما لا يحتمل القسمة، وغيره. انظر: الإكليل ج ١/ ص ٤٣٣.
٢) تعيين المهر إلى الزوج، لا إلى الزوجة؛ لقوله: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ}. انظر هذا الاستنباط وغيره في تفسير سورة البقرة لابن عثيمين ج ٣/ ص ١٧٣ وما بعدها.
(٣) أي: لا تبعة على المطلق من مطالبة المهر إذا كانت المطلقة غير ممسوسة ولم يسم لها مهرا، إذ لو كانت ممسوسة فعليه المسمى أو مهر المثل، ولو كانت غير ممسوسة ولكن سمي لها فلها نصف المسمى. انظر: أنوار التنزيل ج ١/ ص ٥٣٣.
(٤) أنوار التنزيل ج ١/ ص ٥٣٤.

<<  <   >  >>