للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المطلب الأول:

الاستنباطات في التفسير

تقدم بيان علاقة علم التفسير بالاستنباط (١)، والمقصود هنا بالاستنباطات في التفسير الاستنباطات الباطنة التي ترتقي في شدة قربها وظهورها من المعنى الظاهر.

وبهذا الاعتبار يمكن عد التفسير أحد موضوعات الاستنباط عند الشوكاني، وهو من الموضوعات الأقل ورودا عنده.

تنبيه:

لا يعد التفسير الموضوع الأصلي للاستنباط، بل لابد أن يكون للاستنباط موضوعه الأصلي من فقه، أو عقيدة، أو تربية، أو نحو ذلك، ويكون التفسير موضوعا ثانيا للاستنباط من جهة شدة ارتباطه بمعنى الآية، فلا يستقل التفسير بأن يكون موضوعا للاستنباط.

[أمثلة على الاستنباطات في التفسير]

[المثال الأول]

استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)} [البقرة: ٢٢١] تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة (٢)؛ فقال -رحمه الله-: (قوله: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ} أي: ولرقيقة مؤمنة. وقيل: المراد بالأمة الحرة؛ لأن الناس كلهم عبيد الله وإماؤه. والأول أولى لما سيأتي؛ لأنه الظاهر من اللفظ، ولأنه أبلغ، فإن تفضيل الأمة الرقيقة المؤمنة على الحرة المشركة؛ يستفاد منه تفضيل الحرة المؤمنة على الحرة المشركة بالأولى) (٣).


(١) انظر التمهيد ص ٣١ - ٣٤.
(٢) انظر: الاستنباط رقم ٢٤.
(٣) فتح القدير ج ١/ ص ٢٢٤.

<<  <   >  >>