للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٨ - مناسبة ذكر الاستعاذة عقب العمل الصالح والجزاء عليه (١).

قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} النحل: ٩٧ - ٩٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم لما ذكر سبحانه العمل الصالح والجزاء عليه أتبعه بذكر الاستعاذة التي تخلص بها الأعمال الصالحة عن الوساوس الشيطانية، فقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} والفاء لترتيب الاستعاذة على العمل الصالح. وقيل: هذه الآية متصلة بقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (٢) [النحل: من الآية ٨٩]، والتقدير: فإذا أخذت في قراءته فاستعذ (٣) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٥) -رحمه الله- أن مناسبة ذكر الاستعاذة بعد ذكر العمل الصالح والجزاء عليه؛ أن بالاستعاذة تخلص الأعمال الصالحة عن الوساوس الشيطانية.


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٢) وتمامها: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ … أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)}.
(٣) هذا قول القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ج ١٠/ ص ١٥٦. وهذا مثال لما خالف فيه الشوكاني القرطبي في الاستنباط. ولعله يصح أن يكون مثالا للتكلف الذي يأباه الشوكاني في تطلب المناسبة؛ لأن فيه ربطا للآية بآية بعيدة عنها في الترتيب، وإهمالا لمناسبتها للآية المتصلة بها.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ١٩٣.
(٥) واستنبط الآلوسي أن في الآية درءا للمفاسد وجلبا للمصالح، فقوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} إشارة إلى درء المفاسد، وقوله سبحانه: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} إشارة إلى جلب المصالح، ثم قال: ولكون الأول أهم قدم فليتأمل. انظر: روح المعاني ج ١٤/ ص ٢٢٨.

<<  <   >  >>