للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥ - دلالة التكرار.]

ومثاله: ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)} [البقرة: ٥] حيث قال -رحمه الله-: (وفي تكرير اسم الإشارة دلالة على أن كلا من الهدى والفلاح المستقل بتميزهم به عن غيرهم، بحيث لو انفرد أحدهما لكفى تميزا على حاله) (١). (٢).

[٦ - دلالة التأكيد.]

ومثاله: استنبط الشوكاني من قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)} [البقرة: ٢٣٣] أن مدة تمام الرضاع حولين حقيقة، لا تقريبا؛ فقال -رحمه الله-: (وقوله: {كَامِلَيْنِ} تأكيد للدلالة على أن هذا التقدير لا تقريبي) (٣).

وهذه الدلالات هي دلالات في علوم القرآن باعتبار أسلوب القرآن وعادته. وبعضها يصلح أن يُعد دلالة بلاغية كدلالة التقديم، ووضع الظاهر موضع المضمر، والتأكيد، والتكرار (٤).

[ومن دلالات علوم القرآن أيضا دلالة الربط، وهي أنواع]

[أ - الربط: بين آيتين أو أكثر]

ومثال الربط بين آيتين: استنبط الشوكاني أن النبوة هي من باب الرحمة، وذلك من قوله تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)} [مريم: ٤٩ - ٥٠]؛ فقال -رحمه الله-: ({وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا} بأن جعلناهم أنبياء. وذكر هذا بعد التصريح بجعلهم أنبياء؛ لبيان أن النبوة هي من باب الرحمة … ) (٥).


(١) فتح القدير ج ١/ ص ٣٧، ٣٨. وانظر: الاستنباط رقم: ٣.
(٢) وانظر أمثلة أخرى في الاستنباطات رقم: ٢٠١، ٢١٨.
(٣) فتح القدير ج ١/ ص ٢٤٤، ٢٤٥. وانظر: الاستنباط رقم: ٢٧.
(٤) فهذه من أنواع علم المعاني الذي يُعرَّف بأنه: علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق مقتضى الحال. انظر: بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة لعبد المتعال الصعيدي ص ٢٥.
(٥) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٣٧. وانظر: الاستنباط رقم: ١٤٥.

<<  <   >  >>