للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} أي: وطعام المسلمين حلال لأهل الكتاب. وفيه … إخبار المسلمين بأن ما يأخذونه منهم من أعراض (١) الطعام حلال لهم بطريق الدلالة الالتزامية) (٢).

[المثال الثاني: (دلالة النص أو مفهوم الموافقة "فحوى الخطاب")]

استنبط الشوكاني نهي المذنبين غير المسرفين عن القنوط، وذلك من قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ … الرَّحِيمُ … (٥٣)} [الزمر: ٥٣]؛ فقال -رحمه الله-: (واعلم أن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله سبحانه لاشتمالها على أعظم بشارة، فإنه أولا أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم ومزيد تبشيرهم، ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي والاستكثار من الذنوب، ثم عقب ذلك بالنهي عن القنوط من الرحمة لهؤلاء المستكثرين من الذنوب، فالنهي عن القنوط للمذنبين غير المسرفين من باب الأولى وبفحوى الخطاب) (٣).

[المثال الثالث: (دلالة النص أو مفهوم الموافقة "فحوى الخطاب ولحنه")]

استنبط الشوكاني نهي الولد عن سائر ما يؤذي والديه من فعل أو قول كان مساويا لكلمة (أف)، أو أشد منها، وذلك من قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)} [الإسراء: ٢٣]؛ فقال -رحمه الله-: ( … والحاصل أنه- يعني كلمة أف- اسم فعل ينبئ عن التضجر والاستثقال، أو صوت ينبئ عن ذلك. فنهى الولد عن أن يظهر منه ما يدل على التضجر من أبويه أو الاستثقال لهما، بهذا النهي يفهم النهي عن سائر ما يؤذيها بفحوى الخطاب، أو بلحنه كما هو متقرر في الأصول) (٤).

[المثال الرابع: (دلالة الاقتران)]

استنبط الشوكاني أن رحمة الله بعباده مع غناه عنهم هي غاية التفضل والتطول، وذلك من قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا … أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (١٣٣)} [الأنعام: ١٣٣]؛ فقال -رحمه الله-: (قوله: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ} أي: عن خلقه، لا يحتاج إليهم ولا إلى عبادتهم، لا ينفعه إيمانهم، ولا يضره كفرهم. ومع كونه غنيا عنهم فهو ذو رحمة بهم، ولا يكون غناه عنهم مانعا من رحمته لهم. وما أحسن هذا الكلام الرباني وأبلغه، وما أقوى الاقتران بين الغنى والرحمة في هذا المقام، فإن الرحمة لهم مع الغنى عنهم هي غاية التفضل والتطول) (٥).


(١) الصواب: (أعواض) الطعام، أي ثمنه والعوض عنه.
(٢) فتح القدير ج ٢/ ص ١٥. وانظر: الاستنباط رقم: ٦١.
(٣) فتح القدير ج ٤/ ص ٤٧٠. وانظر: الاستنباط رقم: ١٨٦.
(٤) فتح القدير ج ٣/ ص ٢١٨. وانظر: الاستنباط رقم: ١٣٢.
(٥) فتح القدير ج ٢/ ص ١٦٤. وانظر: الاستنباط رقم: ٧٦.

<<  <   >  >>