للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة التوبة]

٨٧ - الوفاء بالعهد، والاستقامة عليه من أعمال المتقين (١).

قال تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)} التوبة: ٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)} إشارة إلى أن الوفاء بالعهد، والاستقامة عليه من أعمال المتقين) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني أن الوفاء بالعهد، والاستقامة عليه من أعمال المتقين.

ووجه الاستنباط: أن الله أمر المسلمين بالوفاء بعهد من عاهدوهم من المشركين عند المسجد الحرام، فإن لهم في العهد في هذا المكان الفاضل حرمة أوجب أن يراعوا فيها، ثم ختم هذا الأمر بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)}؛ فدل هذا بدلالة الربط بين خاتمة الآية وموضوعها على أن الوفاء بالعهد، والاستقامة عليه من أعمال المتقين.

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود، والقنوجي، والبروسوي. (٣).

واستنبط ابن عطية، والبيضاوي، والآلوسي (٤) هذا المعنى من قوله تعالى -قبل هذه الآية-: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)} [التوبة: ٤]. فقال ابن عطية: (وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)} تنبيه على أن الوفاء بالعهد من التقوى) (٥).


(١) وهو استنباط تربوي، وعقدي لأن الوفاء بالعهد من الإيمان.
(٢) فتح القدير ج ٢/ ص ٣٣٩.
(٣) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٤/ ص ٤٥، وفتح البيان ج ٥/ ص ٢٤١، وروح البيان ج ٣/ ص ٤١٠.
(٤) انظر: المحرر الوجيز ص ٨٢٦، وأنوار التنزيل ج ٣/ ص ١٢٩، وروح المعاني ج ١٠/ ص ٤٩. ولعل تنبيههم على هذا المعنى عند قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)} [التوبة: ٤] أغنى عن إعادته هنا.
(٥) المحرر الوجيز ص ٨٢٦.

<<  <   >  >>