للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل يمكن القول بأن الآية دلت دلالة ظاهرة على الجواز. قال السعدي: ({وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨)} أي: تارة تستعملونها للضرورة في الركوب، وتارة لأجل الجمال والزينة) (١).

١٢٤ - وصف السمك بالطراوة للإشعار بلطافته، والإرشاد إلى المسارعة بأكله لكونه مما يفسد بسرعة (٢).

قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤)} النحل: ١٤.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} المراد به السمك، ووصفه بالطراوة للإشعار بلطافته، والإرشاد إلى المسارعة بأكله لكونه مما يفسد بسرعة) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن وصف السمك بالطراوة للإشعار بلطافته، والإرشاد إلى المسارعة بأكله لكونه مما يفسد بسرعة.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى وصف السمك بالطراوة دون غيرها من الأوصاف، وفي الطراوة ما يدل على لطافته، والإرشاد إلى المسارعة بأكله لكونه مما يفسد بسرعة.

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري، والبقاعي، والشربيني، والقنوجي، والهرري. (٥).

وفي هذا الاستنباط دلالة على تنوع موضوعات الاستنباط عند الشوكاني، إذ لم تقتصر الاستنباطات على الفقه، والتربية ونحوهما، بل شملت ما فيه صلاح البدن ونفعه، والتحذير مما يضر به من مطعومات.


(١) تيسير الكريم الرحمن ص ٤٣٦.
(٢) وهو استنباط طبي.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ١٥٣.
(٤) واستنبط غيره إباحة أكل السمك ما طفا منه، وما انحسر منه، إذ ممكن أن يكون طفوه من فور خروج نفسه، والانحسار عنه كذلك، فلا يزول اسم الطري عنه. انظر: نكت القرآن ج ٢/ ص ٤٨، ٤٩.
(٥) انظر: الكشاف ج ٢/ ص ٥٥٩، ونظم الدرر ج ٤/ ص ٢٥٣، والسراج المنير ج ٢/ ص ٢٤٧، وفتح البيان ج ٧/ ص ٢١٩، وحدائق الروح والريحان ج ١٥/ ص ١٥٩.

<<  <   >  >>