للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة المائدة]

٦٠ - جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة (١).

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (١)} المائدة: ١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (قوله: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} استثناء من قوله: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} أي: إلا مدلول ما يتلى عليكم فإنه ليس بحلال. والمتلو هو ما نص الله على تحريمه نحو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] الآية (٢)، ويلحق به ما صرحت السنة بتحريمه. وهذا الاستثناء يحتمل أن يكون المراد به إلا ما يتلى عليكم الآن، ويحتمل أن يكون المراد به في مستقبل الزمان؛ فيدل على جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ويحتمل الأمرين جميعا) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أحل بهيمة الأنعام، ثم استثنى منه ما يتلى فقال: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} أي: ما يقرأ عليكم في القرآن والسنة. والاستثناء يحتمل أن يكون المراد به إلا ما يتلى عليكم الآن، أو إلا ما يتلى عليكم فيما بعد من مستقبل الزمان، وكل ذلك تأخير للبيان. (٤).


(١) وهو استنباط أصولي.
(٢) وتمامها: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)}.
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٥.
(٤) انظر: أحكام القرآن ج ٢/ ص ١٠، والجامع لأحكام القرآن ج ٦/ ص ٣٤.

<<  <   >  >>