للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩ - الاقتصار في ميراث البنتين على الثلثين (١).

قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١)} النساء: ١١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وللاثنتين فصاعدا الثلثان وظاهر النظم القرآني أن الثلثين فريضة الثلاث من البنات فصاعدا، ولم يسم للاثنتين فريضة؛ ولهذا اختلف أهل العلم في فريضتهما، فذهب الجمهور إلى أن لهما إذا انفردتا عن البنين الثلثين، وذهب ابن عباس -رضي الله عنهم- إلى أن فريضتهما النصف، احتج الجمهور بالقياس على الأختين؛ فإن الله سبحانه قال في شأنهما: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} فألحقوا البنتين بالأختين في استحقاقهما الثلثين، كما ألحقوا الأخوات إذا زدن على اثنتين بالبنات في الاشتراك في الثلثين (٢) … ويكمن تأييد ما احتج به الجمهور بأن الله سبحانه لما فرض للبنت الواحدة إذا انفردت النصف بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} كان فرض البنتين إذا انفردتا فوق فرض الواحدة، وأوجب القياس على الأختين الاقتصار للبنتين على الثلثين) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- من الآية الاقتصار في ميراث البنتين على الثلثين.


(١) وهو استنباط فقهي.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٤٣١.
(٣) المصدر السابق ج ١/ ص ٤٣٢.
(٤) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) أن الله أرحم بعباده من الوالدين حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهم. قال ابن كثير: (وقد استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالدة بولدها حيث أوصى الوالدين بأولادهم؛ فعُلم أنه أرحم بهم منهم … ). تفسير القرآن العظيم ج ٣/ ص ٢٧.
٢) ينبغي للإنسان أن يختار من الألفاظ الأحسن والأمثل، وإن كان المؤدى واحدا؛ فإن الله قال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ولم يقل: للأنثى نصف ما للذكر. انظر: تفسير سورة النساء لابن عثيمين ج ١/ ص ٨٤.
٣) مشروعية الوصية؛ لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا}. انظر: الإكليل ج ٢/ ص ٥١٨.
٤) واستنبط السعدي من هذه الآية والتي تليها حكم ميراث القاتل، والرقيق، والمخالف في الدين، والخنثى، وغيرهم، فقال: (فيه تنبيهات وإشارات دقيقة يعسر فهمها على غير المتأمل تدل على جميع المذكورات) راجعها في تيسير الكريم الرحمن ص ١٦٦ - ١٧٠.

<<  <   >  >>