للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٥ - النبوة هي من باب الرحمة (١).

قال تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠)} مريم: ٤٩ - ٥٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا} بأن جعلناهم أنبياء. وذكر هذا بعد التصريح بجعلهم أنبياء؛ لبيان أن النبوة هي من باب الرحمة.

وقيل: المراد بالرحمة هنا المال، وقيل: الأولاد، وقيل: الكتاب (٢). ولا يبعد أن يندرج تحتها جميع هذه الأمور) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٤) -رحمه الله- أن النبوة هي من باب الرحمة.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أنه وهب لإبراهيم -عليه السلام- إسحاق -عليه السلام-، ويعقوب -عليه السلام-، وجعلهم أنبياء، ثم ذكر بعد جعلهم أنبياء أنه وهب لهم من رحمته؛ فدل بدلالة الربط بين الآيتين على أن النبوة هي من باب الرحمة.

قال أبو السعود: ({وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا} هي النبوة. وذكرها بعد ذكر جعلهم أنبياء للإيذان بأنها من باب الرحمة. وقيل: هي المال والأولاد ما بسط لهم من سعة الرزق. وقيل: هو الكتاب. والأظهر أنها عامة لكل خير ديني ودنيوي أوتوه مما لم يؤته أحد من العالمين) (٥).


(١) وهو استنباط عقدي لتعلقه بباب النبوة، وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٢) هذه تفاسير للفظة الرحمة هنا. والنسفي ممن فسرها بالمال والولد. انظر: مدارك التنزيل ج ٣/ ص ٦١، والواحدي فسرها بالنبوة والكتاب. انظر: الوجيز ج ٢/ ص ٦٨٣. والمقصود هنا ما وراء تفسير الرحمة.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٣٣٧.
(٤) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) الآية حجة في تناول الأب مال ولده؛ لقوله تعالى: {وَهَبْنَا لَهُ}. وقد رده القصاب في نكت القرآن ج ٢/ ص ٢٤٦.
٢) الولد الصالح نعمة على أبيه وجده، والولد الذي هو فتنة إنما هو الطالح؛ إذ محال أن يمتن الله على إبراهيم بما هو فتنة. انظر: نكت القرآن ج ٢/ ص ٢٤٤.
٣) الشيء إذا سمي به شيئا جاز أن ينقل لغيره لسعة اللسان، فقد نقل اللسان من آلة النطق إلى الثناء الحسن. انظر: نكت القرآن ج ٢/ ص ٢٤٤.
(٥) إرشاد العقل السليم ج ٥/ ص ٢٦٩.

<<  <   >  >>