للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - المناسبة بين الآيات (بين آيتين أو أكثر) (١). وهذا النوع هو الأكثر ورودا عند الشوكاني.

و أمثلة ذلك:

أ - المناسبة بين الآيتين: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} [النحل: ٩٧ - ٩٨] أن ذكر الاستعاذة بعد ذكر العمل الصالح والجزاء عليه لأن بالاستعاذة تخلص الأعمال الصالحة عن الوساوس الشيطانية، قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم لما ذكر سبحانه العمل الصالح والجزاء عليه أتبعه بذكر الاستعاذة التي تخلص بها الأعمال الصالحة عن الوساوس الشيطانية، فقال: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)}) (٢).

ب - المناسبة بين الآيتين: {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠)} [العنكبوت: ٥٩ - ٦٠]، أن النظر في حال الدواب مما يعين على الصبر والتوكل، قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم وصف هؤلاء العاملين فقال: {الَّذِينَ صَبَرُوا} على مشاق التكليف وعلى أذية المشركين لهم، ويجوز أن يكون منصوبا على المدح … ثم ذكر سبحانه ما يعين على الصبر والتوكل، وهو النظر في حال الدواب. فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} … ومعنى لا تحمل رزقها: لا تطيق حمل رزقها لضعفها ولا تدخره وإنما يرزقها الله من فضله ويرزقكم، فكيف لا يتوكلون على الله مع قوتهم وقدرتهم على أسباب العيش كتوكلها على الله مع ضعفها وعجزها) (٣).

ت - من الأمثلة على المناسبة بين الآيات: مناسبة قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} [النساء: ١٥] لما قبله من الآيات، قال الشوكاني -رحمه الله-: (لما ذكر سبحانه في هذه السورة الإحسان إلى النساء، وإيصال صدقاتهن إليهن، وميراثهن مع الرجال ذكر التغليظ عليهن فيما يأتين به من الفاحشة؛ لئلا يتوهمن أنه يسوغ لهن ترك التعفف) (٤).


(١) انظر أمثلة ذلك في الاستنباطات رقم: ٥٢، ٥٩، ٦٢، ٦٤، ١٠١، ١٠٦، ١٢٨، ١٤٥، ١٧٤، ١٩٩، ٢٠٢، ٢٠٨.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ١٩٣. وانظر هذا الاستنباط برقم: ١٢٨.
(٣) فتح القدير ج ٤/ ص ٢١١. وانظر هذا الاستنباط برقم: ١٧٤.
(٤) فتح القدير ج ١/ ص ٤٣٧. وانظر هذا الاستنباط برقم: ٥٢.

<<  <   >  >>