للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشوكاني -رحمه الله-: (ثم أكد كونه عالما بكل المعلومات بما فيه غاية الامتنان ونهاية الإحسان؛ فقال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} أي: الرزق الذي تحتاج إليه من الغذاء اللائق بالحيوان على اختلاف أنواعه تفضلا منه وإحسانا … ووجه اتصال هذا الكلام بما قبله أن الله سبحانه لما كان لا يغفل عن كل حيوان باعتبار ما قسمه له من الرزق فكيف يغفل عن أحواله وأقواله وأفعاله) (١).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن مناسبة ذكر أن الله لا يغفل عن كل حيوان باعتبار ما قسمه له من الرزق بعد ذكر علمه سبحانه بما يسره الكفار وما يعلنونه، أنه لما كان لا يغفل عن رزق كل حيوان فكيف يغفل عن أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى ذكر أنه يعلم ما يسر الكفار وما يعلنون، ثم أخبر برزق الجميع وأنه لا يغفل عن تربيته، فالرزق بعلم الله؛ فدل ذلك بدلالة الربط بين الآيات على أن الله سبحانه لما كان لا يغفل عن كل حيوان باعتبار ما قسمه له من الرزق فكيف يغفل عن أحواله وأقواله وأفعاله، أي: فكيف تخفى عليه أحوالكم يا معشر الكفار وهو يرزقكم.

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، والقنوجي، والهرري. (٢).

وفي هذا الاستنباط تنبيه إلى سعة علم الله تعالى، وأنه يعلم حال الإنسان سره وعلانيته، فالذي يرزقه يعلم أحواله، ولو لم يكن عالما بجميع المعلومات لما حصلت هذه المهمات (٣).

١٠٧ - بعض أشراف قوم نوح -عليه السلام- لم يكونوا كفرة (٤).

قال تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧)} هود: ٢٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفيه دليل على أن بعض أشراف قومه لم يكونوا كفرة) (٥).


(١) فتح القدير ج ٢/ ص ٤٨٢.
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ٩، وفتح البيان ج ٦/ ص ١٤٢، وحدائق الروح والريحان ج ١٣/ ص ٨.
(٣) آخره مستفاد من التفسير الكبير ج ١٧/ ص ١٤٨.
(٤) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بقصص الأنبياء).
(٥) فتح القدير ج ٢/ ص ٤٩٣.

<<  <   >  >>