للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى المستنبط دل عليه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١)} [آل عمران: ١٩١].

وقوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا … مَوْقُوتًا (١٠٣)} [النساء: ١٠٣]

قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (لا يفرض الله على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، فقال: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}. بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال) (١).

٨٦ - انسلاخ الكفار من الإنسانية، ودخولهم في جنس غير الناس من أنواع الحيوان؛ لعدم تعقلهم لما فيه رشادهم (٢).

قال تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٥)} الأنفال: ٥٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وجعلهم شر الدواب لا شر الناس إيماء إلى انسلاخهم عن الإنسانية، ودخولهم في جنس غير الناس من أنواع الحيوان؛ لعدم تعقلهم لما فيه رشادهم) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية انسلاخ الكفار من الإنسانية، ودخولهم في جنس غير الناس من أنواع الحيوان؛ لعدم تعقلهم لما فيه رشادهم.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى سمى الكفار شر الدواب، ولم يقل شر الناس، فخص لفظ الدواب بالذكر (٤)؛ فدلت مناسبة اختيار هذا اللفظ على انسلاخهم من الإنسانية، ودخولهم في جنس غير الناس؛ لعدم تعقلهم لما فيه رشادهم.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان ج ٧/ ص ٤٤٦، وابن أبي حاتم في تفسيره ج ٤/ ص ١٠٥٦ دون أوله، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ج ٦/ ص ٦١٨، ٦١٩ إلى ابن المنذر.
(٢) وهو استنباط فائدة علمية.
(٣) فتح القدير ج ٢/ ص ٣١٩.
(٤) والكفار وإن كانوا داخلين في لفظ الدواب من حيث اللغة- قال الرازي: كل ماش على الأرض دابة. انظر: مختار الصحاح ج ١/ ص ٨٣ - لكن استعمال لفظ الدواب في الناس قليل، ولذا استنبط القصاب وقوع اسم الدواب على الناس كما يقع على البهائم؛ لأن كل ماش داب. انظر: نكت القرآن ج ١/ ص ٤٦٦.

<<  <   >  >>