للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الذاريات]

١٩٦ - مناسبة تخصيص القسم بالسماء المتصفة بالحبك (١).

قال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨)} الذاريات: ٧ - ٨.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨)} هذا جواب القسم بالسماء ذات الحبك، أي أنكم يا أهل مكة لفي قول مختلف متناقض في محمد -صلى الله عليه وسلم- بعضكم يقول: إنه شاعر، وبعضكم يقول: إنه ساحر، وبعضكم يقول: إنه مجنون. ووجه تخصيص القسم بالسماء المتصفة بتلك الصفة؛ تشبيه أقوالهم في اختلافها باختلاف طرائق السماء) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن مناسبة تخصيص القسم بالسماء المتصفة بتلك الصفة؛ تشبيه أقوالهم في اختلافها باختلاف طرائق السماء.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أقسم على أن الكفار في قول مختلف متناقض في أمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكان قبلها أقسم بالسماء ذات الطرائق؛ فدل تخصيص القسم بالسماء المتصفة بالطرائق على أن المناسبة بين المقسم والمقسم عليه أن أقوالهم تشبه في اختلافها اختلاف طرائق السماء.

قال البيضاوي: (ولعل النكتة في هذا القسم تشبيه أقوالهم في اختلافها، وتنافي أغراضها بطرائق السموات في تباعدها، واختلاف غاياتها) (٣).

وممن قال بهذا الاستنباط: البيضاوي، والبقاعي، والآلوسي، والقنوجي، وابن عاشور. (٤). وضعَّفه أبو السعود (٥).

لكن الأظهر أنه ليس بضعيف، ويؤيده كون هذا الاستنباط يصح-والله أعلم- على جميع التفاسير لكلمة الحبك (٦)، فقيل في معانيها: المقصود ذات الخلق الحسن المستوي، أو ذات الزينة، أو ذات النجوم، أو ذات الشدة. ويمكن أن ترجع لمعنى واحد، قال الشوكاني: (على أنه يمكن أن ترجع تلك الأقوال في تفسير الحبك إلى هذا-أي الطرائق-، وذلك بأن يقال: إن ما في السماء من الطرائق يصح أن يكون سببا لمزيد حسنها، واستواء خلقها، وحصول الزينة فيها، ومزيد القوة لها) (٧).


(١) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بالمناسبة).
(٢) فتح القدير ج ٥/ ص ٨٣.
(٣) أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٢٣٥.
(٤) انظر: أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٢٣٥، ونظم الدرر ج ٧/ ص ٢٧٢، ٢٧٣، وروح المعاني ج ٢٧/ ص ٥، وفتح البيان ج ١٣/ ص ١٩٢، والتحرير والتنوير ج ٢٧/ ص ٩.
(٥) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٨/ ص ١٣٧.
(٦) انظر هذه التفاسير في تفسير القرآن العظيم ج ٧/ ص ٢٧، ٢٨، والجامع لأحكام القرآن ج ١٧/ ص ٣١، ٣٢.
(٧) فتح القدير ج ٥/ ص ٨٣.

<<  <   >  >>